كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر مقتل حجر بن عدي

صفحة 90 - الجزء 17

١١ - خبر مقتل حجر بن عديّ

  حدثني⁣(⁣١) أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار، قال: حدثنا سليمان بن أبي شيخ، قال: حدثنا محمد بن الحكم، قال: حدثنا أبو مخنف، قال: حدثنا خالد بن قطن، عن المجالد بن سعيد الهمدانيّ، والصقعب بن زهير، وفضيل بن خديج⁣(⁣٢)، والحسن⁣(⁣٣) بن عقبة المرادي، وقد اختصرت جملا من ذلك يسيرة؛ تحرّزا من الإطالة:

  استنكاره ذم علي بن أبي طالب ولعنه

  أنّ المغيرة بن شعبد لما ولي الكوفة كان يقوم على المنبر فيذمّ عليّ بن أبي طالب وشيعته، وينال منهم، ويلعن قتلة عثمان، ويستغفر لعثمان ويزكَّيه، فيقوم حجر بن عديّ فيقول: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّه ِ ولَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ}⁣(⁣٤)، وإنّي أشهد أنّ من تذمّون أحقّ بالفضل ممن تطرون، ومنّ تزكَّون أحقّ بالذمّ ممن تعيبون.

  المغيرة بن شعبة يحذره

  فيقول له المغيرة: يا حجر، ويحك! اكفف من هذا، واتّق غضبة السلطان وسطوته؛ فإنها كثيرا ما تقتل مثلك. ثم يكفّ عنه.

  صرخة ثائرة منه

  فلم يزل كذلك حتى كان المغيرة يوما في آخر أيامه يخطب على المنبر، فنال من عليّ بن أبي طالب #: ولعنه، ولعن شيعته، فوثب حجّر فنعر⁣(⁣٥) نعرة أسمعت كلّ من كان في المسجد وخارجه. فقال له:

  إنك لا تدري أيها الإنسان بمن تولع، أو هرمت! مر لنا بأعطياتنا وأرزاقنا؛ فإنك قد حبستها عنّا، ولم يكن ذلك لك ولا لمن كان قبلك، وقد أصبحت مولعا بذمّ أمير المؤمنين وتقريظ المجرمين.

  استجابة لصرخة الثائر

  فقام معه أكثر من ثلاثين رجلا يقولون: صدق واللَّه حجر! مر لنا بأعطياتنا؛ فإنا لا ننتفع بقولك هذا، ولا يجدي علينا، وأكثروا في ذلك.


(١) خبر مقتل حجر في الطبري ٥: ٢٥١ وما بعدما.

(٢) في م: حديج، بالحاء المهملة.

(٣) في الطبري: «والحسين».

(٤) سورة النساء ١٣٤.

(٥) نعر: صاح صيحة شديدة.