أخبار مالك بن أسماء بن خارجة ونسبه
١٩ - أخبار مالك بن أسماء بن خارجة ونسبه
  نسبه
  هو مالك بن أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاريّ، وقد مضى هذا النسب في أخبار عويف القوافي، وقد مضت أخباره، وذكر هذا البيت من فزارة وشرفه فيها وسائر قصصه هناك.
  الحجاج يتزوج أخته هندا، ويوليه على أصبهان، ثم يأمر بحبسه لخيانة ظهرت عليه
  وكان الحجاج بن يوسف ولَّى مالك بن أسماء بعد أن تزوّج أخته هندا بأصبهان، بعد حبس طويل في خيانة ظهرت عليه، ثم خلَّاه بعد ذلك، وطالت أيامه بأصبهان، فظهرت عليه خيانة أخرى، فحبسه وناله بكل مكروه.
  أخبرني يخبره أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، قال: حدثنا عمر بن شبّة، قال: حدثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن عيسى بن موسى، قال: حدثني هشام بن محمد الهلاليّ، قال:
  اختلف الحجّاج وهند بنت أسماء زوجته في وقعة بنات قين، فبعث إلى مالك بن أسماء بن خارجة، فأخرجه من السجن، وكان محبوسا بمال عليه للحجاج، فسأله عن الحديث فحدّثه به، ثم أقبل على هند فقال: قومي إلى أخيك، فقالت: لا أقوم إليه، وأنت ساخط عليه. فأقبل الحجاج عليه، فقال: إنك واللَّه ما علمت للخائن أمانته، اللئيم حسبه، الزاني فرجه، فقال: إن أذن الأمير تكلَّمت، قال: قل، قال: أما قول الأمير الزاني فرجه، فو اللَّه لأنا أحقر عند اللَّه ø وأصغر في عين الأمير من أن يجب للَّه عليّ حدّ فلا يقيمه، وأما قوله: اللئيم حسبه، فو اللَّه لو علم الأمير مكان رجل أشرف منّي لم يصاهرني، وأما قوله: إني خؤون، فلقد ائتمنني فوفّرت، فأخذني بما أخذني به، فبعت ما كان وراء ظهري، ولو ملكت الدنيا بأسرها لافتديت بها من مثل هذا الكلام.
  / قال: فنهض الحجّاج، وقال: شأنك يا هند بأخيك.
  قال مالك بن أسماء: فوثبت هند إليّ فأكبّت عليّ، ودعت بالجواري، ونزعن عنّي حديدي، وأمرت بي إلى الحمّام، وكستني، وانصرفت.
  فلبثت أياما، ثم دخلت على الحجاج وبين يديه عهود، وفيها عهدي على أصبهان. قال: خذ هذا العهد، وامض إلى عملك، فأخذته ونهضت. قال: وهي ولايته التي عزله عنها، وبلغ به ما بلغ من الشر.
  قال أبو زيد: ويقال إنه كان في الحبس في الدفعة الثانية مضيّقا عليه في كلّ أحواله، حتى كان يشاب له الماء الذي كان يشربه بالرماد والملح، فاشتاق الحجّاج إلى حديثه يوما، فأرسل إليه، فأحضر، فبينا هو يحدّثه إذ استسقى ماء فأتي به، فلما نظر إليه الحجاج قال: لا، هات ماء السجن، فأتى به وقد خلط بالملح والرماد، فسقيه.
  قال: ويقال: إنه هرب من الحبس(١)، فلم يزل متواريا حتى مات الحجاج.
(١) في المختار: «السجن».