شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

فصل والغرض به الكلام في كونه تعالى موجودا

صفحة 114 - الجزء 1

  والمعلوم خلافه.

  والجواب عنه، أن الواحد منا إنما يسمى ألما وملتذا لأنه يدرك الألم مع النفرة واللذة مع الشهوة، والشهوة والنفرة مستحيلتان على اللّه تعالى، ففارق أحدهم الآخر.

فصل والغرض به الكلام في كونه تعالى موجودا

  وقبل أن ندل عليه لا بد من أن نذكر حقيقة الموجود والمعدوم.

  أما الموجود، فعلى ما ذكره شيخنا أبو عبد اللّه البصري وشيوخنا البغداديون أنه الكائن الثابت، وهذا لا يصح، لأن قولنا موجود أظهر منه، ومن حق الحد أن يكون أظهر من المحدود. وبعد، فإن الكائن إنما هو الثابت، والثابت إنما هو الكائن، فيكون في الحد إذا تكرار مستغنى عنه. وبعد، فإن الكائن إنما يستعمل في الجوهر الذي حصل في حيز فكيف يصح تحديد الموجود به.

  وذكر قاضي القضاة في حد الموجود، أنه المختص بصفة تظهر عندها الصفات والأحكام.

  وهذا وإن كان كذلك إلا أن إيراده على طريقة التحديد لا يصح، لأنه أشكل من قولنا موجود، ومن حق الحد أن يكون أظهر منه، فالأولى أن لا يحد الموجود بحد، لأن كل ما يذكر في حده فقولنا موجود أكشف منه وأوضح.

  فلو سئلنا عن حقيقة الموجود، فالواجب أن نشير إلى هذه الموجودات.

  وأما المعدومات، فعلى ما قاله شيخنا أبو عبد اللّه البصري: أنه المنتفى الذي ليس بكائن لا ثابت.

  وهذا لا يصح، لأن المنتفى إنما يستعمل في المعدوم الذي وجد مرة ثم عدم أخرى، فيخرج عن الحد كثير من المعدومات، ومن حق الحد أن يكون جامعا مانعا لا يخرج منه ما هو منه، ولا يدخل فيه ما ليس منه. وبعد فإن قول المنتفي، هو قوله ليس بكائن ولا ثابت، فيكون تكرارا لا فائدة فيه، فالأولى أن يحد المعدوم بأنه المعلوم الذي ليس بموجود، ولا يلزمنا على هذا أن يكون ثاني القديم ø والفناء معدومين لأنهما ليس بمعلومين.

  إذا ثبت هذا فاعلم أنا لا نحتاج إلى إقامة الدليل له على وجود هذه الموجودات، لأنا نشاهدها ونعلم وجودها بالاضطرار، وليس كذلك القديم تعالى فإنا