بين العام والخاص في مجال التدليل على رؤية الله أو عدمها.
  اللّه ورسوله في الذكر إعظاما وإجلالا للّه جل ذكره.
بين العام والخاص في مجال التدليل على رؤية اللّه أو عدمها.
  فإن قيل: قوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ} عام في دار الدنيا ودار الآخرة وقوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ٢٢ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ٢٣}[القيامة: ٢٢ - ٢٣] خاص في دار الآخرة، ومن حق العام أن يحمل على الخاص، كما أن من حق المقيد أن يحمل على المقيد.
  وربما يستدلون بهذه الآية ابتداء على أنه تعالى يرى في دار الآخرة.
  وجوابنا، أن العام إنما يبنى على الخاص إذا أمكن تخصيصه، وهذه الآية لا تحتمل التخصيص، لأنه تعالى يمدح بنفي الرواية عن نفسه مدحا راجعا إلى ذاته، وما كان نفيه مدحا راجعا إلى ذاته كان إثباته نقصا، والنقص لا يجوز على اللّه تعالى على وجه، وبعد، فإن هذه الآية إنما تخصص تلك الآية إذا أفادت أنه تعالى يرى في حال من الحالات، وليس في الآية ما يقتضي ذلك، لأن النظر ليس هو بمعنى الرؤية. هذا هو الجواب عنه إذا تعلقوا به على هذا الوجه.
  فأما إذا استدلوا به ابتداء، فالكلام عليه أن يقال لهم: ما وجه الاستدلال بالآية؟
  فإن قالوا: إنه تعالى بين أن الوجوه يوم القيامة تنظر، إليه والنظر هو بمعنى الرؤية، قلنا: لسنا نسلم أن النظر بمعنى الرؤية فما دليلكم عليه؟ فلا يجدون إلى ذلك سبيلا.
  ثم يقال لهم: كيف يعلم أن يكون النظر بمعنى الرؤية، ومعلوم أنهم يقولون:
  نظرت إلى الهلال فلم أره، فلو كان أحدهما هو الآخر لتناقض الكلام، ونزل منزلة قول القائل: رأيت الهلال وما رأيت، وهذا مناقض فاسد.
  وبعد: فإنهم يجعلون الرؤية غاية للنظر فيقولون: نظرت حتى رأيت، فلو كان أحدهما هو الآخر، لكان أحدهما بمنزلة أن يجعل الشيء غاية لنفسه وذلك لا يجوز، ولذلك لا يصح أن يقال: رأيت حتى رأيت.
  وبعد: فإنهم يعقبون النظر بالرؤية فيقولون: نظرت فرأيت، فلو كان أحدهما هو الآخر، لكان في ذلك تعقيب الشيء بنفسه وينزل منزلة قولك رأيت فرأيت، وهذا لا يستقيم.
  وبعد: فإنهم ينوعون النظر فيقولون: نظرت نظر راض، ونظرت نظر غضبان،