بين العام والخاص في مجال التدليل على رؤية الله أو عدمها.
  وأما ما قالوه من أن النظر إذا علق بالوجوه وعدي بإلى لم يحتمل إلا الرؤية فسنتكلم عليه إن شاء اللّه تعالى.
  فإن قيل: النظر المذكور في الآية إذا لم يفد الرؤية فما تأويل الآية؟
  قيل له: قد قيل إن النظر المذكور هاهنا بمعنى الانتظار، فكأنه تعالى قال: وجوه يومئذ ناضرة لثواب ربها منتظرة، والنظر بمعنى الانتظار قد ورد قال تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ}[البقرة: ٢٨] أي فانتظار، وقال جل وعز فيما حكى عن بلقيس {فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}[النمل: ٣٥] أي منتظرة.
  وقال الشاعر:
  فإن بك صدر هذا اليوم ولى ... فإن غدا لناظره قريب
  أي لمنتظر.
  وقال آخر:
  وإن امرأ يرجو السبيل إلى الغنى ... بغيرك عن حد الغنى حد جابر
  تراه على قرب وإن بعد المدى ... بأعين آمال إليك نواظر
  وقال آخر:
  وجوه يوم بدر ناظرات ... إلى الرحمن يأتي بالخلاص
  وقال الخليل: إنما يقال انظر إلى اللّه تعالى وإلى فلان من بين الخلائق، أي انتظر خبره ثم خبر فلان.
  فإن قيل: النظر إذا عدي بإلى كيف يجوز أن يكون بمعنى الانتظار؟ قلنا: كما قال اللّه تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ}[البقرة: ٢٨٠]، ذكر النظر وعداه بإلى وأراد به الانتظار، كما يقول العرب على ما قاله الخليل:
  إني إليك لما وعدت لناظر ... نظر الفقير إلى الغني الموسر
  فإن قيل: النظر إذا علق بالوجه وعدي بإلى فكيف يراد به الانتظار؟ قلنا: إن ذلك غير ممتنع وعلى هذا قول الشاعر:
  وجوه يوم بدر ناظرات ... إلى الرحمن يأتي بالخلاص
  على أن إلى في الآية على ما قيل، هو حرف الجر ولا حرف البعدية، وإنما هو