شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

الحسن [و] المباح.

صفحة 220 - الجزء 1

الحسن [و] المباح.

  ثم إن الحسن ينقسم قسمين: فإما أن تكون له صفة زائدة على حسنه، وأما أن لا يكون كذلك. فالأول هو الذي يستحق عليه المدح، والثاني هو الذي لا يستحق بفعله المدح ويسمى مباحا، وحدّه: ما عرف فاعله حسنه أو دل عليه، ولهذا لا توصف أفعال القديم تعالى بالمباح، وإن وجد فيها ما صورته صورة المباح كالعقاب.

  وأما ما يستحق عليه المدح فعلى قسمين: إما أن يستحق بفعله المدح ولا يستحق الذم بأن لا يفعل، وذلك كالنوافل وغيرها، وإما أن يستحق المدح بفعله والذم بأن لا يفعل، وذلك كالواجبات. وقد تقدم حدود هذه الألفاظ.

الواجبات:

  ثم إن الواجبات تنقسم: ففيها ماله بدل وهو الواجب المخير، وفيها ما لا بدل له وهو الواجب المضيق. وقد تقدم ذلك في صدر الكتاب.

  وتنقسم قسمة أخرى: إلى ما يتعدى، وذلك نحو رد الوديعة وشكر النعمة من العقليات، ومن الشرعيات كالزكاة وما شاكل ذلك، وإلى ما لا يتعدى، وذلك نحو النظر والمعرفة من العقليات، ومن الشرعيات كالصلاة والصيام وغيرهما.

  وتنقسم قسمة أخرى إلى، عقلي، وشرعي. فالعقلي هو ما أستفيد وجوبه بالشرع، وذلك نحو الصلاة والصيام والحج وما جرى هذا المجرى.

  وتنقسم الواجبات إلى: ما له سبب موجب، وإلى ما ليس كذلك. وهذه القسمة تتأتى في العقليات والشرعيات جميعا.

  فمثال الأول من العقليات فهو: كحفظ الوديعة، فإن لها سببا موجبا وهو التكفل به، وقضاء الدين، فإن الاستقراض سبب وجوبه، وشكر المنعم فإن لوجوبه سببا وهو النعمة. ومن الشرعيات، كالكفارات، فإن لها سببا موجبا وهو اليمين أو الحنث على اختلاف في ذلك بين الفقهاء، وهذا في كفارة اليمين، وأما في كفارة الظهار فسببها الظهار، وفي كفارة القتل سببها القتل.

  ومثال الثاني من العقليات: الإنصاف، فإنه لا سبب له موجب، ومثاله من الشرعيات الصلاة والصيام.

  ثم ينقسم ما له سبب من الواجبات إلى: ما يكون سبب وجوبه من جهتنا، وإلى