شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

شبه القوم:

صفحة 251 - الجزء 1

  والاختلاف إنما يصحان على الذوات دون الصفات، فكيف يصح وصف الحدوث به.

  على أن ما يتعلق بنا هو ذات الحركة على وجه الحدوث. وإنما كان يجب ذلك، لو ثبت في الذوات كلها من الجواهر والألوان أنها تقف على قصدنا ودواعينا لا الحدوث، فلا يجب إذا تعلق بنا ذات أن تتعلق بنا سائر الذوات كالحركة. فأما إذا لم تثبت هذه الطريقة إلا في بعض الذوات دون بعض فإنه لا يجب أن تتعلق كلها بنا.

  ثم يقال لهم: أليس أن وجه الكسب ثابت في هذه التصرفات على حد واحد ولم يجب في القادر على بعضها أن يكون قادرا على سائرها، فهلا جاز مثله في مسألتنا؟

  ومما يتعلقون به في هذا الباب، قولهم: لو تعلقت هذه التصرفات بنا من جهة الحدوث لوجب تعلقها بنا على سائر صفاتها التي هي كونها شيئا وعرضا وحسنا وقبيحا، ومعلوم خلافه.

  والجواب عنه، أن يقال لهم: أليس أنها تتعلق بنا من جهة الكسب ثم لا يجب تعلقها بنا من هذه الوجوه التي ذكرتها، فهلا جاز مثله في مسألتنا؟ ثم يقال لهم: ولم جمعتم بين بعض هذه الوجوه وبين البعض؟ وما أنكرتم أن الفعل إنما يصح تعلقه بنا من جهة الحدوث لأنه لا يجب مع الصحة، وليس كذلك الوجوه التي ذكرتموها، فإن كونه شيئا يجب عند الصحة، وكذلك كونه حسنا وقبيحا. على أن هذه الأمور ليست من الصفات في شيء، لأن الشيء ليس له بكونه شيئا حال، وليس له بكونه عرضا ولا بكونه حسنا أو قبيحا حال، بخلاف الحدوث ففسد ما قالوه.

  ومما يتعلقون به، قولهم: لو قدر الواحد منا على إيجاد هذه التصرفات وإخراجها من العدم إلى الوجود لوجب قدرته على إعادتها، بدليل أنه تعالى لما قدر على الإيجاد قدر على الإعادة.

  وجوابنا من أين ثبت لكم أنه تعالى إنما قدر على الإعادة لقدرته على الإيجاد؟

  وهل هذا إلا دعوى مجردة؟ ثم نقول لهم: إن في مقدور القديم تعالى ما لا يصح إعادته أيضا، وهو المفعول بسبب والأجناس التي لا تبقى، كالصوت وغيره.

  فإن قالوا: إنا لا نجوز ذلك ولا نسلمه قلنا: لم نبن كلامنا على تسليمكم حتى يضرنا عدمه، وإنما بنيناه على الدلالة.

  فإن قالوا: وما الذي يدل على أن المفعول بسبب وما لا يبقى من الأخبار مما لا يصح إعادتها؟ قلنا: أما ما لا يبقى: لو صح إعادته لانقلب باقيا، لأنه إذا صح عليه