شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

فصل لم سمى بالأسماء والأحكام:

صفحة 471 - الجزء 1

  الأصل الرابع وهو الكلام في المنزلة بين المنزلين

فصل لم سمى بالأسماء والأحكام:

  اعلم أن هذا الفصل كلام في الأسماء والأحكام ويلقب بالمنزلة بين المنزلتين.

  ومعنى قولنا: إنه كلام في الأسماء والأحكام، هو أنه كلام في أن صاحب الكبيرة له اسم بين الاسمين وحكم بين الحكمين، لا يكون اسمه اسم الكافر، ولا اسمه اسم المؤمن، وإنما يسمى فاسقا. وكذلك فلا يكون حكمه حكم الكافر، ولا حكم المؤمن، بل يفرد له حكم ثالث، وهذا الحكم الذي ذكرناه هو سبب تلقيب المسألة بالمنزلة بين المنزلتين، فإن صاحب الكبيرة له منزلة تتجاذبها هاتان المنزلتان، فليست منزلته منزلة الكافر ولا منزلة المؤمن، بل له منزلة بينهما.

  إذا ثبت هذا، فاعلم، أن المكلف لا يخلو حاله من أحد أمرين: فإما أن يكون مستحقا للثواب، أو يكون مستحقا للعقاب، فإن كان مستحقا للثواب فهو من أولياء اللّه، وإن كان مستحقا للعقاب فهو من أعداء اللّه تعالى.

  ثم إنه إن كان مستحقا للثواب فلا يخلو: إما أن يستحق الثواب العظيم، أو يستحق ثوابا دون ذلك، فإن استحق الثواب العظيم فلا يخلو: إما أن يكون من بني آدم، أو لا يكون. فإن لم يكن من بني آدم فإنه يسمى ملكا ومقربا. وما يجري هذا المجرى، وإن كان من بني آدم، سمي نبيا ومصطفى ومختارا، إلى غير ذلك.

  وإذا استحق ثوابا دون ذلك، فإنه يسمى مؤمنا برا تقيا صالحا، سواء كان من الجن أو من الإنس.

  وإن كان من أعداء اللّه تعالى، فلا يخلو: إما أن يكون مستحقا للعقاب العظيم، أو لعقاب دون ذلك.

  فإن كان مستحقا للعقاب العظيم، فإنه يسمى كافرا، والكفر أنواع: من ذلك النفاق، وهو أن يسر صاحبه خلاف ما يظهره، ومنه الارتداد، وهو أن يكون كان مؤمنا