شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

فصل مسائل متعلقة بالتوبة وغيرها:

صفحة 543 - الجزء 1

  حاله قطع يده على سبيل الجزاء والنكال.

  ومن ذلك، الكلام في أن الكبائر هل يجوز أن تصير كفرا بانضمام البعض إلى البعض، ولعل الأقرب أنها لا تصير كفرا وإن انضم بعضها إلى بعض في مثل هذه الأعمال، فمعلوم أن صاحب الكبيرة وإن بلغ في ارتكابه الكبائر كل مبلغ لم يجز إجراء أحكام الكفار عليه، فلو لا أن الكبائر لا تصير كفرا بانضمام البعض منها إلى البعض وإلا كان يجب ما ذكرناه.

  ومن ذلك الكلام، في هل يبلغ ثواب طاعات أحدنا حدا يصير عقاب الكبيرة مكفرا في جنبها والأعمال هذه؟ والأصل فيه أنه لا يبلغ، لأن أحدنا وإن بلغ في الطاعة كل مبلغ وسرق بعده عشرة دراهم من حرز على الشرائط المعتبرة فإن الإمام يقطع يده على سبيل الجزاء والنكال، فلو لا أن ما كان قد استحقه من الثواب لم يبلغ حدا يصير عقاب السرقة مكفرا في جنبه، وإلا كان لا يجوز ذلك.

  ومن ذلك، الكلام في هل يجوز أن يبلغ ثواب أحدنا ثواب بعض الأنبياء؟

  والأصل فيه أنه لا يجوز، والدليل عليه الإجماع.

  ومن ذلك، الكلام في هل يصح أن يعلم أحدنا الصغيرة من الكبيرة، وقد تكلمنا على ذلك وبيننا أنه لا يجوز، وإلا كان يكون المكلف مغري بفعلها لأنه لا ضرر فيها، فكأن من عرفها بعينها قال له: افعلها ولا ضرر عليك فيها، وذلك مما لا يجوز. فعلى هذا ما من معصية إلا ويجوز أن يكون كبيرا أو يجوز أن يكون صغيرا إذا لم يكن هناك دلالة على أنها من الكبائر.

  ومن ذلك، الكلام في هل يصح أن يعلم أحدنا حال الغير في استحقاق الثواب والعقاب؟ ولا خلاف في أنه يصح أن يعلم كون الغير مستحقا للعقاب، فإنه إذا رآه يزني ويشرب الخمر ويسرق لا بد من أن يقطع على أنه مستحق للعقاب، وإنما الكلام في أنه هل يصح أن يعلم استحقاقه للثواب، والأصل في أنه لا طريق إلى ذلك من جهة العقل وإنما يعلم سمعا، فإن وجد في حق بعض الأشخاص دلالة سمعية على أنه من أهل الجنة علم استحقاقه للثواب وإلا فلا، وعلى هذا نعلم استحقاق الملائكة والأنبياء الثواب، وبهذه الطريقة علمنا أن عليا وفاطمة والحسن والحسين $ من أهل الجنة.

  والكلام في هل يصح أن نعلم كون أنفسنا من أهل الثواب والعقاب كالحال فيما