الوجوه التي يصح أن يفعل عليها الفعل:
  لا يصح منه الفعل إلا على وجه المباشرة أو التوليد، ولا يصح فعل الجسم على هذين الوجهين، فليس إلا أنه لا يقدر على فعل الجسم أصلا.
  فإن قيل: ولم قلتم إن القادر بالقدرة لا يقدر على الفعل إلا على هذين الوجهين؟.
الوجوه التي يصح أن يفعل عليها الفعل:
  قلنا: لأن الوجوه التي يصح أن يفعل عليها الفعل لا تعدو وجوها ثلاثة:
  الاختراع، والمباشرة، والتوليد.
  أما الاختراع، فلا شك أن القادر بالقدرة لا يقدر عليه، لأنه إيجاد فعل متعد عنه من غير سبب، وهذا لا يتأتى من القادرين بالقدرة، إذ لو صح ذلك لصح من أحدنا أن يمنع غيره من التصرفات من غير أن يماسه، أو يماس ما ماسه والمعلوم خلافه.
  فإن قيل: لم لا يجوز أن يفعل الجسم على وجه المباشرة؟
  قلنا: لأن المباشرة هو أن يفعل الفعل مبتدأ بالقدرة في محلها، فلو فعل الجسم بهذه الطريقة لزم حلول الجسم في الجسم، وذلك محال.
  فإن قال: لم لا يفعل الجسم بطريقة التوليد؟ قلنا: التوليد على ضربين، أحدهما: أن يكون متعديا عن محل القدرة، والآخر لا يكون متعديا، فإن لم يتعد عن محل القدرة لزم ما ذكرناه في المباشر، وإن كان متعديا عن محل القدرة فالذي يتعدى به الفعل عن محل القدرة ليس إلا الاعتماد، والاعتماد مما لا خطر له في توليد الجسم.
  فإن قال: ولم قلتم ذلك؟ قلنا: لأن الاعتماد لو كان يولد الجسم لوجب إذا اعتمد أحدنا في سمت أن يملأها جواهر وأجساما، ومعلوم خلافه.
  فإن قيل: إنه يحصل عن اعتماداته الأجسام، إلا أنها تتبدد وتتلاشى فلا ترى.
  قلنا: فيجب على هذا أن أحدنا إذا أدخل يده في زق وسد رأسه عليها، ثم يعتمد أن يمتلئ الزق فينتفخ كما لو نفخ فيه، وقد عرف خلافه.
  فإن قيل: إن أحدنا يقدر على فعل الجسم، غير أنه لا يتأتى منه لمنع، وهو كون الجهات مشغولة الجواهر، فإن العالم ممتلئ جواهر. قلنا: لو كان الأمر كما ذكرتم