شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

وجاء ربك

صفحة 153 - الجزء 1

وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ.

  وقد تعلقوا أيضا بقوله تعالى: {وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}⁣[الزمر: ٦٧] قالوا:

  وذو اليمين لا يكون إلا جسما.

  وجوابنا أن اليمين بمعنى القوة، وهذا كثير ظاهر في اللغة، وعلى هذا قال الشاعر:

  رأيت عرابة الأوسي يسمو ... إلى العلياء منقطع القرين

  إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين

يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ.

  وقد تعلقوا أيضا بقوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ}⁣[القلم: ٤٢] قالوا وذو الساق لا يكون إلا جسما.

  والأصل في الجواب عن ذلك، أنه لا يقر لكم بالظاهر لأنه لم يضف الساق إلى نفسه، فنقول: المراد به الشدة، يبين ذلك أنه تعالى يصف هول يوم القيامة وشدته جريا على عادة العرب، فهو بمنزلة قولهم قامت العرب على ساقها.

وَجاءَ رَبُّكَ.

  وقد تعلقوا بقوله تعالى: {وَجاءَ رَبُّكَ}⁣[الفجر: ٢٢] قالوا: فاللّه تعالى وصف نفسه بالمجيء، والمجيء لا يتصور إلا من الأجسام.

  والأصل في الجواب عن ذلك، أنه تعالى ذكر نفسه وأراد غيره جريا على عادتهم في حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، كما قال ø: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}⁣[يوسف: ٨٢] يعني أهل القرية. وقال في موضع آخر: {إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي}⁣[الصافات: ٩٩] أي إلى حيث أمرني ربي.

ما يلزم المكلف معرفته:

  ثم إن | بين ما يلزم المكلف معرفته في هذا الباب.

  وجملة القول في ذلك، أن الذي يلزمه أن يعلم، أنه تعالى لم يكن جسما فيما لم يزل، ولا يكون كذلك فيما لا يزال، ولا يجوز أن يكون على هذه الصفة بحال من الأحوال.