[المرفوعات]
  (علمت زيدا منطلقا) و (رأيت زيدا منطلقا) لأنك إن أضمرت عاد إلى غير مذكور، وهو مفعول فضلة، وإن حذفت حذفت أحد مفعولي علمت، وذلك لا يجوز، وقال بعضهم: يجوز الإضمار، لأنه إذا امتنع حذف مفعول علمت صار كالفاعل، فكما أن الفاعل يضمر قبل الذكر ولا يحذف، كذلك هذا، وقال بعضهم إنه يضمر ويؤخر وراء الظاهر، فنقول:
  (علمت زيدا ورأيت عمرا منطلقا) وقال ابن عصفور(١) وجماعة: إنه يحذف الظاهر الأول ك (باب أعطيت) لأنه قد ورد في القرآن والشعر، قال تعالى {وَلا يَحْسَبَنَّ} [بالياء] {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ}(٢) أي بخلهم هو خيرا لهم فحذوف الأول من مفعولي حسبت وقوله:
  [٨٩] إني ضمنت لمن أتاني ما جنى ... وأتى وكان وكنت غير غدور(٣)
  وقال ابن الحاجب:(٤) غير غدور خبر عنهما معا ولا حذف، لأنه يطلق
(١) ينظر رأي ابن عصفور في الهمع ٢/ ٢٢٥ - ٢٢٦.
(٢) آل عمران ٣/ ١٨٠ وهي بتمامها: (بل هو شر لهم سيطوفون ما بخلوا به يوم القيامة وللّه ميراث السماوات والأرض واللّه بما تعملون خبير) وقد زاد الناسخ لفظة (بالياء) بعد قوله تعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ} مشيرا إلى قراءة من قرأ بها من القراء وهم السبعة ما عدا حمزة.
ينظر حجة القراءات ابن زنجلة ١٧٣، وإعراب القرآن للنحاس ١/ ٤٢٠، والبحر ٣/ ١٣٣.
(٣) البيت من الكامل وهو للفرزدق كما في الإنصاف ١/ ٩٥، وليس في ديوانه، ينظر الكتاب ١/ ٧٦، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٢٦، والإيضاح في شرح المفصل ١/ ١٦٨، وشرح التسهيل السفر الأول ٢/ ٦١٢، واللسان مادة (قعد) ٥/ ٣٦٨٨.
الشاهد فيه قوله: (وكنت غير غدور) حيث أنه أخبر عن أحدهما واكتفى بالخبر عنه عن الخبر عن الآخر لاتفاق خبريهما في المعنى، وتقديره: فكان غير غدور وكنت غير غدور فاكتفى بالخبر عن الثاني عن الخبر عن الأول.
(٤) ينظر الإيضاح في شرح المفصل ١/ ١٦٨.