النجم الثاقب شرح كافية ابن الحاجب،

صلاح بن علي بن محمد (المتوفى: 849 هـ)

[ألفاظها]

صفحة 736 - الجزء 2

  ومذهب سيبويه⁣(⁣١) والجمهور أنها لازمة للفعلية لفظا أو تقديرا وحذف في {إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ} كما في {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ}⁣(⁣٢) لدلالة الثاني عليه، لأنهم لا يجمعون بين العوض والمعوض منه.

  وقد تخرج (إذا) هذه عن معنى الشرط، وتكون لمجرد الظرفية، نحو قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى}⁣(⁣٣) لأن المراد بالآية القسم مطلقا في كل وقت، وإذا جعلتها للشرط صار القسم مقيدا للشرط ويكون تقديره: أقسم بالليل إذا يغشى أقسم، وإذا كان كذلك كانت معمولة لجوابها، وهو (أقسم)، ولزم التقييد تقديره: إذا يغشى الليل أقسم، وهو خلاف المراد، لأن القسم بالليل مطلق، وجب أن تكون ظرفية في موضع الحال ولا تخرج عنه، والعامل فيها العامل في الليل، ولا يلزم إلا الإشكال الأول، لأن تقييد الحال إنما هو لليل وتقديره: أقسم بالليل مطلقا حال غشيانه، فصار ل (أقسم) تعلقان، تعلق بالمقسم وهو (اللّه) غير مقيد، وتعلق بالمقسم به وهو (الليل) مقيدا⁣(⁣٤) ونظيره قولك: (هذا زيد واقفا) لأنك لو جعلت الإشارة إليه بأنه زيد مقيدة بالوقوف، للزم أن يكون في غير الوقوف غير زيد وهو باطل، وإنما المراد أن الإشارة مقيدة بالنظر إلى الوقوف غير مقيدة بالنظر إلى زيد، وكذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ


(١) ينظر الكتاب ٣/ ١١٩ و ٤/ ٢٣٢.

(٢) التوبة ٩/ ٦، وتمامها: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ}

(٣) الليل ٩٢/ ١.

(٤) ينظر هذا التعليق في شرح الرضي ٢/ ١١١ - ١١٢.