النجم الثاقب شرح كافية ابن الحاجب،

صلاح بن علي بن محمد (المتوفى: 849 هـ)

الإعراب

صفحة 87 - الجزء 1

  كدلالته في الأسماء، واحتجوا بقولهم (لا تأكل السمك وتشرب اللبن) بالرفع والنصب والجزم في تشرب، فالرفع نهي عن الجمع بينهما في الفم لأن الواو للحال.

  والنصب نهي عن الجمع بينهما في البطن؛ لأن الواو تقدر بعدها أن، والجزم نهي عن فعل كل واحد منهما مجتمعين ومفترقين، لأن النهي يقتضي التكرار.

  وأجاب البصريون⁣(⁣١) بأن اختلاف المعاني في الأفعال بتقدير صيغ مختلفة، لا بالإعراب، إذ لو كان بالإعراب لاتفقت المسائل لفظا أو تقديرا.

  والتقدير هاهنا مختلف، ألا ترى في هذه المسألة: أن النصب بتقدير (أن) والجزم بتقدير (لا) الناهية، والرفع على المبتدأ، لأن الواوي للحال لتعدد العطف، وواو الحال لا تدخل على المضارع المثبت، فتعين حينئذ تقدير مبتدأ، وهذه صيغ متغايرة دالة على تلك المعاني.

  قوله: (وأنواعه رفع ونصب وجر) مذهب الأصوليين أن النوع أعمّ من الجنس⁣(⁣٢)، والنحاة والفقهاء عكسوا، وإنما لم يذكر الجزم مع أنه من أنواع الإعراب، لأنه [و ٦] هاهنا ذكر أحوال الاسم والجزم من أحوال


(١) ينظر شرح التسهيل لابن مالك السفر الأول ٢/ ٩٧١ - ٩٧٤ حيث وافق الشارح ما ذهب إليه ابن مالك في إفادة الرفع والنصب والجزم معاني معينة ذكرها ابن مالك. قال:

- المعنى المراد من النصب: النهي عن الجمع بينهما فيجوز أكل كل واحد على حده.

- والمعنى المراد من الرفع على إضمار مبتدأ محذوف تقديره: أنت تشرب، أي في حال شرب اللبن، والواو هنا للحال.

- المعنى في الجزم النهي عن كل من الفعلين جميعا.

(٢) جاء في اللسان مادة (نوع) ٦/ ٤٥٧٦، النوع أخص من الجنس. وقال في مادة (جنس) والجنس أعم من النوع وما ذكره صاحب اللسان هو رأي النحاة كما ذكر.