النجم الثاقب شرح كافية ابن الحاجب،

صلاح بن علي بن محمد (المتوفى: 849 هـ)

[كلم المجازاة]

صفحة 976 - الجزء 2

  (إن) لأن هذه الأشياء فيها معنى الطلب، والطلب لا ينفك من سبب حامل عليه، بخلاف النفي فإنه خبر محض، والتقدير واقف على حصول السبب، هذا مذهب الجمهور وقال الخليل:⁣(⁣١) إن هذه الأمور هي الجازمة بنفسها لنيابتها مناب (إن) كالظرف، هذا إن قصدت السببية، وإن لم تقصد السببية، أو لم تصح لم تجزم بل رفعت، إما على الاستئناف نحو: (قم يدعوك)، أو الحال نحو: {ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ}⁣(⁣٢) أو الصفة نحو: (أحب رجلا يدعوك)، ومثال ما يحتمل السببية والصفة والاستئناف قوله تعالى:

  {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ٥ يَرِثُنِي}⁣(⁣٣) خلافا للكسائي⁣(⁣٤) فقال: لا يصح فيها الصفة لأن يحيى ما ت قبل زكريا، فلو كان يرثني صفة لكانت دعوته غير مستجابة، والمعلوم استجابتها لقوله تعالى: {فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى}⁣(⁣٥) ومثال ما يحتمل الاستئناف والسببية والحال: {فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي}⁣(⁣٦) إذا كان فاعل يصدقني ضمير (هارون) وإن كان ضمير


(١) ينظر الكتاب ٣/ ٩٤ وما بعدها.

(٢) الأنعام ٦/ ٩١ وتمامها: {وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ...} {وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ}

(٣) مريم ١٩/ ٥ - ٦، وتمامها: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}

(٤) وقرأ الجمهور برفع الفعلين (يرثني ويرث) صفة للولي وقرأ غير الجمهور (يرثني) بالرفع والياء و (أرث) جعلوه فعلا مضارعا من ورث. قرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر وحمزة (يرثني ويرث) برفعهما. وقرأ أبو عمرو الكسائي يرثني ويرث جزما فيهما.

ينظر السبعة في القراءات لابن مجاهد ٤٠٧، والنشر في القراءات العشر ٢/ ٣١٧ واكشف عن وجوه القراءات السبع ٢/ ٨٤، والبحر المحيط ٦/ ١٦٥، وشرح الرضي ٢/ ٢٦٦، وشرح المصنف ١٠٦.

(٥) الأنبياء ٢١/ ٩٠ وتمامها: {فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ}

(٦) القصص ٢٨/ ٣٤ وتمامها: {وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ =