شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

الأوزان المشهورة للألف الممدودة

صفحة 439 - الجزء 2

  أي: تمرون بالديار. ومذهب الجمهور أنه لا ينقاس حذف حرف الجر مع غير «أن» و «أن» بل يقتصر فيه على السماع، وذهب [أبو الحسن على ابن سليمان البغدادي وهو] الأخفش الصغير إلى أنه يجوز الحذف مع غيرهما قياسا، بشرط تعين الحرف، ومكان الحذف، نحو: «بريت القلم بالسكين» فيجوز عنده حذف الباء، فتقول: «بريت القلم السكين» فإن لم يتعين الحرف لم يجز الحذف، نحو: «رغبت في زيد» فلا يجوز حذف «في»، لأنه لا يدرى حينئذ: هل التقدير «رغبت عن زيد» أو «في زيد» وكذلك إن لم يتعين مكان الحذف لم يجز، نحو «اخترت القوم من بنى تميم» فلا يجوز الحذف، فلا تقول: «اخترت القوم بنى تميم»، إذ لا يدرى: هل الأصل «اخترت القوم من بنى تميم» أو «اخترت من القوم بنى تميم».

  وأما «أن، وأن» فيجوز حذف حرف الجر معهما قياسا مطردا، بشرط أمن اللبس، كقولك «عجبت أن يدوا» والأصل «عجبت من أن يدوا» أي: من أن يعطوا الدية، ومثال ذلك مع أن - بالتشديد - «عجبت من أنك قائم» فيجوز حذف «من» فتقول: «عجبت أنك قائم»، فإن حصل لبس لم يجز


«الحذف والإيصال» وهذا قاصر على السماع، ولا يجوز ارتكابه في سعة الكلام، إلا إذا كان المجرور مصدرا مؤولا من «أن» المؤكد مع اسمها وخبرها، أو من «أن» المصدرية مع منصوبها.

ومثل هذا الشاهد قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:

غضبت أن نظرت نحو نساء ... ليس يعرفني مررن الطريقا

ومحل الاستشهاد قوله «مررن الطريقا» حيث حذف حرف الجر ثم أوصل الفعل اللازم إلى الاسم الذي كان مجرورا فنصبه، وأصل الكلام: مررن بالطريق، وفيه شاهد آخر للقياسي من هذا الباب ; وذلك في قوله «غضبت أن نظرت» وأصله: غضبت من أن نظرت.