الموصول الأسمى العام
  أشار بقوله: «تساوى ما ذكر» إلى أنّ «من، وما» والألف واللام، تكون بلفظ واحد: للمذكر، والمؤنث - [المفرد] والمثنى، والمجموع - فتقول: جاءنى من قام، ومن قامت، ومن قاما، ومن قامتا، ومن قاموا، ومن قمن؛ وأعجبنى ما ركب، وما ركبت، وما ركبا، وما ركبتا، وما ركبوا، وما ركبن؛ وجاءنى القائم، والقائمة، والقائمان، والقائمتان، والقائمون، والقائمات.
  وأكثر ما تستعمل «ما» فى غير العاقل، وقد تستعمل فى العاقل(١)، ومنه قوله تعالى: {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى} وقولهم: «سبحان ما سخّر كنّ لنا» و «سبحان ما يسبّح الرّعد بحمده».
  و «من» بالعكس؛ فأكثر ما تستعمل فى العاقل، وقد تستعمل فى غيره(٢)،
(١) تستعمل «ما» فى العاقل فى ثلاثة مواضع؛ الأول: أن يختلط العاقل مع غير العاقل نحو قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} فإن ما يتناول ما فيهما من إنس وملك وجن وحيوان وجماد، بدليل قوله: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} والموضع الثانى: أن يكون أمره مبهما على المتكلم، كقولك - وقد رأيت شبحا من بعيد -: انظر ما ظهر لى، وليس منه قوله تعالى: {إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً} لأن إبهام ذكورته وأنوثته لا يخرجه عن العقل، بل استعمال «ما» هنا فى ما لا يعقل لأن الحمل ملحق بالجماد، والموضع الثالث: أن يكون المراد صفات من يعقل، كقوله تعالى {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ} وهذا الموضع هو الذى ذكره الشارح بالمثال الأول من غير بيان.
(٢) تستعمل «من» فى غير العاقل فى ثلاثة مواضع؛ الأول: أن يقترن غير العاقل مع من يعقل فى عموم فصل بمن الجارة، نحو قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ} ومن المستعملة فيما لا يعقل مجاز مرسل علاقته المجاورة فى هذا الموضع، والموضع الثانى: أن يشبه غير العاقل بالعاقل فيستعار له لفظه، نحو قوله تعالى: {مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ} وقول الشاعر * أسرب القطا هل من يعير جناحه* وهو الذى استشهد به المؤلف