أحوال المبتدأ ذي المرفوع مع مرفوعه، وما يجوز من وجوه الاعراب في كل حال
  يكون الوصف مبتدأ، وما بعده فاعل سدّ مسدّ الخبر، والثانى: أن يكون ما بعده مبتدأ مؤخرا، ويكون الوصف خبرا مقدما، ومنه قوله تعالى(١): {أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ} فيجوز أن يكون «أراغب» مبتدأ، و «أنت» فاعل سدّ مسدّ الخبر، ويحتمل أن يكون «أنت» مبتدأ مؤخرا، و «أراغب» خبرا مقدما.
  والأول - فى هذه الآية - أولى؛ لأن قوله: «عن آلهتى» معمول لـ «راغب»؛ فلا يلزم فى الوجه الأول الفصل بين العامل والمعمول بأجنبى؛ لأن «أنت» على هذا التقدير فاعل لـ «راغب»؛ فليس بأجنبى منه، وأما على الوجه الثانى فيلزم [فيه] الفصل بين العامل والمعمول بأجنبى؛ لأن «أنت» أجنبى من «راغب» على هذا التقدير؛ لأنه مبتدأ؛ فليس لـ «راغب» عمل فيه؛ لأنه خبر، والخبر لا يعمل فى المبتدأ على الصحيح.
  وإن تطابقا تثنية نحو «أقائمان الزيدان» أو جمعا نحو «أقائمون الزيدون» فما بعد الوصف مبتدأ، والوصف خبر مقدم، وهذا معنى قول المصنف: «والثّان مبتدا وذا الوصف خبر - إلى آخر البيت» أى: والثانى - وهو ما بعد الوصف - مبتدأ، والوصف خبر عنه مقدّم عليه، إن تطابقا فى غير الإفراد
= فاعلا؛ لأنه يلزم عليه عود الضمير من «فى داره» على المتأخر لفظا ورتبة، وهو ممتنع.
(١) قد عرفت (ص ١٩٣ و ١٩٥) أن هذه الآية الكريمة لا يجوز فيها إلا وجه واحد؛ لأن فيها ما يمنع من تجويز الوجه الثانى، وعلى هذا فمراد الشارح أنه مما يجوز فيه الوجهان فى حد ذاته مع قطع النظر عن المانع العارض الذى يمنع أحدهما؛ فإذا نظرنا إلى ذلك المانع لم يجز إلا وجه واحد، ومن هنا تعلم أن قول الشارح فيما بعد «والأول فى هذه الآية أولى» ليس دقيقا، والصواب أن يقول «والأول فى هذه الآية واجب لا يجوز غيره».