شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

أحوال المبتدأ ذي المرفوع مع مرفوعه، وما يجوز من وجوه الاعراب في كل حال

صفحة 199 - الجزء 1

  - وهو التثنية والجمع - هذا على المشهور من لغة العرب، ويجوز على لغة «أكلونى البراغيث» أن يكون الوصف مبتدأ، وما بعده فاعل أغنى عن الخبر.

  وإن لم يتطابقا - وهو قسمان: ممتنع، وجائز، كما تقدم - فمثال الممتنع «أقائمان زيد» و «أقائمون زيد» فهذا التركيب غير صحيح، ومثال الجائز «أقائم الزيدان» و «أقائم الزيدون» وحينئذ يتعين أن يكون الوصف مبتدأ، وما بعده فاعل سدّ مسدّ الخبر⁣(⁣١).

  * * *


(١) أحب أن أجلى لك حقيقة هذه المسألة، وأبين لك عللها وأسبابها بيانا لا يبقى معه لبس عليك فى صورة من صورها، وذلك البيان يحتاج إلى شرح أمرين، الأول: لم جاز فى الوصف الذى يقع بعده مرفوع أن يكون الوصف مبتدأ، والمرفوع بعده فاعلا، وأن يكون الوصف خبرا مقدما والمرفوع مبتدأ مؤخرا؛ والثانى: على أى شئ يستند تعين أحد هذين الوجهين وامتناع الآخر منهما؟.

أما عن الأمر الأول فنقول لك: إن اسم الفاعل واسم المفعول ونحوهما من الأوصاف قد أشبهت الفعل نوع شبه من حيث المعنى؛ لدلالتها على الحدث الذى يدل عليه الفعل، وهى فى طبيعتها أسماء تقبل علامات الاسم، فتردد أمرها بين أن تعامل معاملة الأسماء بالنظر إلى لفظها وبين أن تعامل معاملة الأفعال فتسند إلى ما بعدها بالنظر إلى دلالتها على معنى الفعل، ثم ترجح ثانى هذين الوجهين بسبب دخول حرف النفى أو حرف الاستفهام عليها، وذلك لأن الأصل فى النفى وفى الاستفهام أن يكونا متوجهين إلى اوصاف الذوات. لا إلى الذوات أنفسها، لأن الذوات يقل أن تكون مجهولة، والموضوع للدلالة على أوصاف الذوات وأحوالها هو الفعل، لا جرم كان الأصل فى النفى والاستفهام أن يكونا عن الفعل وما هو فى معناه، ومن هنا تفهم السر فى اشتراط البصريين - فى جعل الوصف مبتدأ والمرفوع بعده فاعلا أغنى عن الخبر - تقدم النفى والاستفهام عليه.

وأما عن الأمر الثانى فإنا نقرر لك أن النحاة بنوا تجويز الوجهين وتعين أحدهما وامتناعه جميعا على أصول مقررة ثابتة، فبعضها يرجع إلى حكم الفاعل ورافعه، وبعضها يرجع إلى حكم المبتدأ وخبره، وبعضها إلى حكم عام للعامل والمعمول.