شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

لا تقع النكرة مبتدأ الا بمسوغ

صفحة 217 - الجزء 1

  الدّار رجل»، و «عند زيد نمرة»⁣(⁣١)؛ فإن تقدم وهو غير ظرف ولا جار ومجرور لم يجز، نحو: «قائم رجل».

  الثانى: أن يتقدم على النكرة استفهام⁣(⁣٢)، نحو: «هل فتى فيكم».

  الثالث: أن يتقدم عليها نفى⁣(⁣٣)، نحو: «ما خلّ لنا».


= الخبر وكونه أحد الثلاثة: الجملة، والظرف، والجار والمجرور - من أن يكون مختصا، وذلك بأن يكون المجرور أو ما أضيف الظرف إليه والمسند إليه فى الجملة مما يجوز الإخبار عنه، فلو قلت: فى دار رجل رجل، أو قلت عند رجل رجل، أو قلت ولد له ولد رجل - لم يصح.

(١) النمرة - بفتح النون وكسر الميم - كساء مخطط تلبسه الأعراب، وجمعه نمار.

(٢) اشترط جماعة من النحويين - منهم ابن الحاجب - لجواز الابتداء بالنكرة بعد الاستفهام شرطين، الأول: أن يكون حرف الاستفهام الهمزة، والثانى: أن يكون بعده «أم» نحو أن تقول: أرجل عندك أم امرأة؟ وهذا الاشتراط غير صحيح؛ فلهذا بادر الناظم والشارح بإظهار خلافه بالمثال الذى ذكراه، فإن قلت: فلماذا كان تقدم الاستفهام على النكرة مسوغا للابتداء بها؟ فالجواب: أن نذكرك بأن الاستفهام إما إنكارى وإما حقيقى، أما الاستفهام الإنكارى فهو بمعنى حرف النفى، وتقدم حرف النفى على النكرة يجعلها عامة، وعموم النكرة عند التحقيق هو المسوغ للابتداء بها، إذ الممنوع إنما هو الحكم على فرد مبهم غير معين، فأما الحكم على جميع الأفراد فلا مانع منه، وأما الاستفهام الحقيقى فوجه تسويغه أن المقصود به السؤال عن فرد غير معين بطلب بالسؤال تعيينه، وهذا الفرد غير المعين شائع فى جميع الأفراد، فكأن السؤال فى الحقيقة عن الأفراد كلهم، فأشبه العموم، فالمسوغ إما العموم الحقيقى وإما العموم الشبيه به.

(٣) قد عرفت مما ذكرناه فى وجه تسويغ الاستفهام الابتداء بالنكرة أن الأصل فيه هو النفى؛ لأن النفى هو الذى يجعل النكرة عامة متناولة جميع الأفراد، وحمل الاستفهام الإنكارى عليه لأنه بمعناه، وحمل الاستفهام الحقيقى عليه لأنه شبيه بما هو بمعنى النفى، فالوجه فى النفى هو صيرورة النكرة عامة.