المواضع التي يجب فيها تأخير الخبر
  الخامس: أن يكون المبتدأ له صدر الكلام: كأسماء الاستفهام، نحو «من لى منجدا؟» فمن: مبتدأ، ولى: خبر، ومنجدا: حال، ولا يجوز تقديم الخبر على «من»؛ فلا تقول «لى من [منجدا]».
  * * *
= الشاهد فيه: فى هذا البيت ثلاثة شواهد للنحاة:
الأول: فى قوله «ينل العلاء» فإن هذا فعل مضارع لم يسبقه ناصب ولا جازم، وقد كان من حقه أن يجئ به الشاعر مرفوعا فيقول «ينال العلاء» ولكنه جاء به مجزوما؛ فحذف عين الفعل كما يحذفها فى «لم يخف» ونحوه، والحامل له على الجزم تشبيه الموصول بالشرط كما شبهه الشاعر به حيث يقول:
كذاك الّذى يبغى على النّاس ظالما ... تصبه على رغم عواقب ما صنع
وليس لك أن تزعم أن من فى قوله «من جرير خاله» شرطية؛ فلذلك جزم المضارع فى جوابها؛ لأن ذلك يستدعى أن تجعل جملة «جرير خاله» شرطا، وهو غير جائز عند أحد من النحاة؛ لأن جملة الشرط لا تكون اسمية أصلا (وانظر - مع ذلك - شرح الشاهد رقم ٥٨ الآتى).
والشاهد الثانى: فى قوله «ويكرم الأخوالا» فإنه تمييز، وقد جاء به معرفة، وهذا يدل للكوفيين الذين يرون جواز مجئ التمييز معرفة، والبصريون يقولون: ال فى هذا زائدة لا معرفة،
والشاهد الثالث: - وهو الذى من أجله أنشد الشارح هذا البيت هنا - فى قوله «خالى لأنت» حيث قدم الخبر مع أن المبتدأ متصل بلام الابتداء، شذوذا، وفى البيت توجيهات أخرى أشرنا إلى أحدها فى الإعراب، والثانى: أنه أراد «لخالى أنت» فأخر اللام إلى الخبر ضرورة، والثالث: أن يكون أصل الكلام «خالى لهو أنت» فخالى: مبتدأ أول، والضمير مبتدأ ثان، وأنت: خبر الثانى، فحذفت الضمير، فاتصلت اللام بخبره مع أنها لا تزال فى صدر ما ذكر من جملتها.
ومثل هذا البيت فى هذين التوجيهين قول الراجز:
أمّ الحليس لعجوز شهربه ... ترضى من اللّحم بعظم الرّقبه