الحروف مشبهة بليس ما، ولا، ولات، وان المشبهات بليس الحرف الأول ما، وشروط أعماله عمل ليس ستة
  فإن كان ظرفا أو جارا ومجرورا فقدمته فقلت: «ما فى الدار زيد»، و «ما عندك عمرو» فاختلف الناس فى «ما» حينئذ: هل هى عاملة أم لا؟ فمن جعلها عاملة قال: إن الظرف والجار والمجرور فى موضع نصب بها، ومن لم يجعلها عاملة قال: إنهما فى موضع رفع على أنهما خبران للمبتدأ الذى بعدهما، وهذا الثانى هو ظاهر كلام المصنف؛ فإنه شرط فى إعمالها أن يكون المبتدأ والخبر بعد «ما» على الترتيب الذى زكن، وهذا هو المراد بقوله: «وترتيب زكن» أى: علم، ويعنى به أن يكون المبتدأ مقدّما والخبر مؤخرا، ومقتضاه أنه متى تقدّم الخبر لا تعمل «ما» شيئا، سواء كان الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا، أو غير ذلك، وقد صرّح بهذا فى غير هذا الكتاب.
  الشرط الرابع: ألّا يتقدم معمول الخبر على الاسم وهو غير ظرف ولا جار ومجرور؛ فإن تقدم بطل عملها، نحو: «ما طعامك زيد آكل» فلا يجوز نصب «آكل» ومن أجاز بقاء العمل مع تقدم الخبر يجيز بقاء العمل مع تقدم المعمول بطريق الأولى؛ لتأخر الخبر، وقد يقال: لا يلزم ذلك؛ لما فى
= والسر فى ذلك الخطأ أنه تميمى، وأراد أن يتكلم بلغة أهل الحجاز، فلم يعرف أنهم لا يعملون «ما» إذا تقدم الخبر على الاسم، ولعله وجد خبر ليس قد جاء متقدما على اسمها، فتوهم أن ما - لكونها بمعنى لبس - تعطى حكمها، ولم يلتفت إلى أن «ما» فرع عن ليس فى العمل، وأن الفرع ليس فى قوة الأصل.
والثالث: سلمنا أن الرواية كما يذكرون، وأن الشاعر لم يخطئ. ولكنا لا نسلم أن «مثل» منصوب، بل هو مبنى على الفتح فى محل رفع خبر مقدم، وبشر: مبتدأ مؤخر، وإنما بنيت «مثل» لأنها اكتسبت البناء من المضاف إليه، وجاز ذلك البناء ولم يجب، ولهذا شواهد كثيرة منها قوله تعالى: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} فمثل فى هذه الآية الكريمة صفة لحق مع أن حقا مرفوع ومثل مفتوح؛ فوجب أن يكون مبنيا على الفتح فى محل رفع.