شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

المفعول المتصل بضمير الفاعل، والفاعل المتصل بضمير المفعول

صفحة 495 - الجزء 1

  وقوله:

  ١٥٠ - كسا حلمه ذا الحلم أثواب سؤدد ... ورقى نداه ذا النّدى فى ذرى المجد


= وسننشد فى شرح الشاهد رقم ١٥٣ الآتى بعض شواهد لهذه المسألة، ونذكر لك ما نرجحه من أقوال العلماء.

١٥٠ - البيت من الشواهد التى لا يعلم قائلها.

اللغة: «كسا» فعل يتعدى إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، تقول: كسوت محمدا جبة، كما تقول: ألبست عليا قميصا «حلمه» الحلم: الأناة والعقل، وهو أيضا تأخير العقوبة وعدم المعاجلة فيها «سؤدد» هو السيادة «ورقى» بتضعيف القاف - أصل معناه جعله يرقى: أى يصعد، والمرقاة: السلم الذى به تصعد من أسفل إلى أعلى، والمراد رفعه وأعلى منزلته من بين نظرائه «الندى» المراد به الجود والكرم «ذرى» بضم الذال - جمع ذروة، وهى أعلى الشئ.

الإعراب: «كسا» فعل ماض «حلمه» حلم: فاعل كسا، وحلم مضاف والضمير مضاف إليه «ذا الحلم» ذا: مفعول أول لكسا، وذا مضاف والحلم مضاف إليه «أثواب سؤدد» أثواب: مفعول ثان لكسا، وأثواب مضاف وسؤدد مضاف إليه «ورقى» فعل ماض «نداه» فاعل ومضاف إليه «ذا الندى» مفعول به ومضاف إليه «فى ذرى» جار ومجرور متعلق برقى. وذرى مضاف، و «المجد» مضاف إليه.

الشاهد فيه: قوله «كسا حلمه ذا الحلم، ورقى نداء ذا الندى» فإن المفعول فيهما متأخر عن الفاعل مع أن مع الفاعل ضميرا يعود على المفعول؛ فيكون فيه إعادة الضمير على متأخر فى اللفظ والرتبة جميعا، وذلك لا يجوز عند جمهور البصريين، خلافا لابن جنى - تبعا للأخفش - وللرضى، وابن مالك فى بعض كتبه

كذا قالوا. ونحن نرى أنه لا يبعد - فى هذا البيت - أن يكون الضمير فى «حلمه، ونداه» عائدا على ممدوح ذكر فى أبيات تقدمت البيت الشاهد؛ فيكون المعنى أن حلم هذا الممدوح هو الذى أثر فيمن تراهم من أصحاب الحلم؛ إذ ائتسوا به وجعلوه قدوة لهم، واستمر تأثيره فيهم حتى بلغوا الغاية من هذه الصفة، وأن ندى هذا الممدوح أثر كذلك فيمن تراهم من أصحاب الجود؛ فافهم وأنصف.