شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

المواضع التي يجب فيها نصب الاسم المشتغل عنه

صفحة 522 - الجزء 1

  تقديره: «إن هلك منفس»⁣(⁣١)، والله أعلم.

  * * *


= وقيل: أن تقرر لك ما فى هذا البيت نخبرك أنه يروى بنصب «منفس» يروى برفعه.

فأما رواية النصب فهى التى رواها سيبويه وجمهور البصريين (انظر كتاب سيبويه ١ - ٦٨، ومفصل الزمخشرى ١ - ١٤٩ بتحقيقنا) ولا إشكال على هذه الرواية؛ لأن «منفسا» حينئذ منصوب بفعل محذوف مفسر بفعل من لفظ الفعل المذكور بعده، والتقدير: إن أهلكت منفسا أهلكته.

والرواية الثانية برفع «منفس» وهى رواية الكوفيين، وأعربوها على أن «منفس» مبتدأ، وجملة «أهلكته» خبره، وهذا هو صريح عبارة الشارح قبل إنشاده البيت، واستدلوا به وبمثله على جواز وقوع الجملة الاسمية بعد «إن» و «إذا» الشرطيتين، وقالوا: إن الاسم المرفوع بعد هاتين الأدانين مبتدأ، والجملة بعده فى محل رفع خبر، ومنهم من يجعل هذا الاسم المرفوع فاعلا لنفس الفعل المذكور بعده فى نحو «إن زيد يزورك فأكرمه» بناء على مذهبهم من جواز تقديم الفاعل على الفعل الرافع له، فأما البصريون فلا يسلمون أولا رواية الرفع، ثم يقولون: إن صحت هذه الرواية فإنها لا تدل على جواز وقوع الجمل الاسمية بعد أداة الشرط، ولا تدل على جواز تقدم الفاعل على فعله؛ لأن واحدا من هذين الوجهين غير متعين فى إعراب الاسم المرفوع بعد أداة الشرط، بل هذا الاسم فاعل لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور بعده، ويقدر المحذوف من لفظ المذكور إن كان الذى بعده قد رفع الضمير على الفاعلية، ومن معنى الفعل المتأخر إن كان قد نصب ضمير الاسم كما فى هذا البيت المستشهد به، ومن الأول قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ} وهذا هو الراجح، وهو الذى قدره الشارح بعد إنشاد البيت، ثم ارجع إلى ما ذكرناه فى تقدير العامل فى المشغول عنه (فى ص ٥١٨)، ثم انظر ما ذكرناه فى باب الفاعل

(١) هذا التقدير هو تقدير البصريين، ولا يتفق ذكره هنا بهذا الشكل مع ما ذكره الشارح قبل إنشاد البيت، ولو أنه قال: «وتقديره عند البصريين إن هلك منفس» لاستقام الكلام.