شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

التنازع في العمل ضابط التنازع

صفحة 547 - الجزء 1

  وأكرمت زيدا» فكلّ واحد من «ضربت» و «أكرمت» يطلب «زيدا» بالمفعولية، وهذا معنى قوله: «إن عاملان - إلى آخره».

  وقوله: «قبل» معناه أن العاملين يكونان قبل المعمول كما مثّلنا، ومقتضاه أنه لو تأخّر العاملان لم تكن المسألة من باب التنازع.

  وقوله: «فللواحد منهما العمل» معناه أن أحد العاملين يعمل فى ذلك الاسم الظاهر، والآخر يهمل عنه ويعمل فى ضميره، كما سيذكره.


= فليس كل واحد من «أتاك أتاك» موجها إلى قوله «اللاحقون»؛ إذ لو توجه كل واحد إليه لقال: أتوك أتاك اللاحقون، أو لقال: أتاك أتوك اللاحقون، بل المتوجه إليه منهما هو الأول، والثانى تأكيد له، وخرج قول امرئ القيس بن حجر الكندى

ولو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة ... كفانى، ولم أطلب، قليل من المال

وذلك لأن كلا من «كفانى» و «لم أطلب» ليس متوجها إلى قوله «من المال» إذ لو كان كل منهما متوجها إلى لصار حاصل المعنى: كفانى قليل من المال ولم أطلب هذا القليل، وكيف يصح ذلك وهو يقول بعد هذا البيت:

ولكنّما أسعى لمجد مؤثّل ... وقد يدرك المجد المؤثل أمثالى

وإنما قوله «قليل من المال» فاعل كفى، وهو وحده المتوجه إلى العمل فيه، وأما قوله «ولم أطلب» فله معمول محذوف يفهم من مجموع الكلام، والتقدير: كفانى قليل من المال ولم أطلب الملك.

ويشترط فى العاملين أيضا: أن يكونا متقدمين على المعمول كالأمثلة التى ذكرناها والتى ذكرها الشارح، فإن تقدم المعمول فإما أن يكون مرفوعا وإما أن يكون منصوبا فإن تقدم وكان مرفوعا نحو قولك «زيد قام وقعد» فلا عمل لأحد العاملين فيه، بل كل واحد منهما عامل فى ضميره، وإن كان منصوبا نحو قولك «زيدا ضربت وأهنت» فالعامل فيه هو أول العاملين، وللثانى منهما معمول محذوف يدل عليه المذكور، أولا معمول له أصلا، وإن توسط المعمول بين العاملين نحو قولك «ضربت زيدا وأهنت» فهو معمول للسابق عليه منهما، وللمتأخر عنه معمول محذوف بدل عليه المذكور، وقد أشار الشارح إشارة وجيزة إلى هذا الشرط.