حذف العامل في المفعول المطلق اما ممتنع، واما جائز، واما واجب
  على معنى أنت عندى فى الحنوّ بمنزلة ابنى، فلما قال «حقّا» صارت الجملة نصّا فى أن المراد البنوّة حقيقة، فتأثرت الجملة بالمصدر؛ لأنها صارت به نصّا؛ فكان مؤكدا لغيره؛ لوجوب مغايرة المؤثر للمؤثّر فيه.
  * * *
  كذاك ذو التّشبيه بعد جمله ... ك «لى بكا بكاء ذات عضله»(١)
  أى: كذلك يجب حذف عامل المصدر إذا قصد به التّشبيه بعد جملة مشتملة على فاعل المصدر فى المعنى(٢)، نحو «لزيد صوت صوت حمار،
(١) «كذاك» كذا جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، والكاف حرف خطاب «ذو» اسم بمعنى صاحب: مبتدأ مؤخر، وذو مضاف و «التشبيه» مضاف إليه «بعد» ظرف متعلق بمحذوف حال، وبعد مضاف، و «جملة» مضاف إليه «كلى» الكاف جارة لقول محذوف. لى: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «بكا» قصر للضرورة مبتدأ مؤخر «بكاء» مفعول مطلق، وبكاء مضاف و «ذات» مضاف إليه، وذات مضاف و «عضلة» مضاف إليه.
(٢) الشروط التى تشترط فى هذا الموضوع سبعة شروط ثلاثة منها تشترط فى المفعول المطلق نفسه، والأربعة الباقية فى الكلام الذى يسبقه:
فأما الثلاثة التى يجب أن تتحقق فى المفعول المطلق فهى: أن يكون مصدرا، وأن يكون مشعرا بالحدوث، وأن يكون المراد به التشبيه.
وأما الأربعة التى يجب أن تتحقق فيما يتقدمه فهى: أن يكون السابق عليه جملة، وأن تكون هذه الجملة مشتملة على فاعل المصدر، وأن تكون أيضا مشتملة على معنى المصدر، وأن يكون فى هذه الجملة ما يصلح للعمل فى المصدر.
فإن لم يكن المصدر مشعرا بالحدوث نحو قولك: لفلان ذكاء ذكاء الحكماء، أو لم تتقدمه جملة، بل تقدمه مفرد، كقولك: صوت فلان صوت حمار، أو تقدمته جملة ولكنها لم تشتمل على فاعل المصدر، كقولك: دخلت الدار فإذا فيها نوح نوح الحمام - ففى كل هذا المثل وما أشبهها لا يكون المصدر مفعولا مطلقا والعامل فيه محذوف وجوبا. بل هو فيما ذكرنا - مما تقدمته جملة - من الأمثلة بدل مما قبله.