شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك،

ابن عقيل (المتوفى: 769 هـ)

المواضع التي تأتي فيها الحال جامدة

صفحة 628 - الجزء 1

  يكثر مجئ الحال جامدة إن دلّت على سعر، نحو «بعه مدّا بدرهم⁣(⁣١)» فمدا: حال جامدة، وهى فى معنى المشتق؛ إذ المعنى «بعه مسعّرا كل مد بدرهم» ويكثر جمودها - أيضا - فيما دلّ على تفاعل، نحو «بعته يدا بيد⁣(⁣٢)» أى: مناجزة، أو على تشبيه، نحو «كرّ زيد أسدا»: أى مشبها الأسد، فـ «يدا، وأسدا» جامدان، وصحّ وقوعهما حالا لظهور تأوّلهما بمشتق، كما تقدم، وإلى هذا أشار بقوله: «وفى مبدى تأوّل» أى: يكثر مجئ الحال جامدة حيث ظهر تأوّلها بمشتق.

  وعلم بهذا وما قبله أن قول النحويين «إن الحال يجب أن تكون منتقلة مشتقة» معناه أن ذلك هو الغالب، لا أنه لازم، وهذا معنى قوله فيما تقدم «لكن ليس مستحقّا»⁣(⁣٣).


(١) يجوز فى هذا المثال وجهان: أحدهما رفع ما، وثانيهما نصبه، فأما رفع مد فعلى أن يكون مبتدأ، والجار والمجرور بعده متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، وجاز الابتداء بالنكرة لأن لها وصفا محذوفا، وتقدير الكلام: بع البر (مثلا) مد منه بدرهم، وجملة المبتدأ وخبره فى محل نصب حال، والرابط هو الضمير المجرور محلا بمن، ولا يكون المثال - على هذا الوجه - مما نحن بصدده؛ لأن الحال جملة لا مفرد جامد، أما نصب مد فعلى أن يكون حالا، والجار والمجرور بعده متعلق بمحذوف صفة له، ويكون المثال حينئذ مما نحن بصدده، والمشتق المؤول به ذلك الحال يكون مأخوذا من الحال وصفته جميعا، وتقديره: مسعرا.

ويجوز أن يكون هذا الحال حالا من فاعل بعه؛ فيكون لفظ «مسعرا» الذى تؤوله به بكسر العين مشددة اسم فاعل، ويجوز أن يكون حالا من المفعول؛ فيكون قولك «مسعرا» بفتح العين مشددة اسم مفعول

(٢) هذا المثال كالذى قبله، يجوز فيه رفع «يد» ونصبه، وإعراب الوجهين هنا كإعرابهما فى المثال السابق، والتقدير على الرفع: يد منه على يد منى، والتقدير على النصب: يدا كائنة مع يد.

(٣) ذكر الشارح ثلاثة مواضع تجئ فيها الحال جامدة وهى فى تأويل المشتق، =