لدن و مع وما يضافان إليه
  وأما «مع» فاسم لمكان الاصطحاب أو وقته، نحو «جلس زيد مع عمرو، وجاء زيد مع بكر» والمشهور فيها فتح العين، وهى معربة، وفتحتها فتحة إعراب، ومن العرب من يسكنها، ومنه قوله:
  ٢٣٤ - فريشى منكم وهواى معكم ... وإن كانت زيارتكم لماما
  وزعم سيبويه أن تسكينها ضرورة، وليس كذلك، بل هو لغة ربيعة، وهى عندهم مبنية على السكون، وزعم بعضهم أن الساكنة العين حرف، وادّعى النّحّاس الإجماع على ذلك، وهو فاسد؛ فإن سيبويه زعم أن ساكنة العين اسم.
٢٣٤ - البيت لجرير بن عطية، من قصيدة له يمدح فيها هشام بن عبد الملك.
اللغة: «ريشى» الريش والرياش يطلقان على عدة معان، منها اللباس الفاخر، والخصب، والمعاش، والقوة «لماما» بكسر اللام - متقطعة، بعد كل حين مرة.
الإعراب: «فريشى» ريش: مبتدأ، وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «منكم» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «وهواى» هوى: مبتدأ، وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «معكم» مع: ظرف متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، ومع مضاف والضمير مضاف إليه «وإن» الواو واو الحال، إن: قال العينى وغيره: زائدة «كان» فعل ماض «زيارتكم» زيارة: اسم كان، وزيارة مضاف والضمير مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، والفاعل محذوف، لأن العامل مصدر فيجوز معه حذف الفاعل أى زيارتى إياكم، ويجوز أن تكون من إضافة المصدر لفاعله: أى زيارتكم إياى «لماما» خبر كان.
الشاهد فيه: قوله «معكم» حيث سكن العين من «مع» وهو عند سيبويه ضرورة لا يجوز ارتكابها إلا فى الشعر. لكن الذى نقله غيره من العلماء أن قوما من العرب بأعيانهم - وهم قيس - من لغتهم تسكينها؛ فعلى هذه اللغة يجوز تسكينها فى سعة الكلام، ولا شك أن من حفظ حجة على من لم يحفظ.