مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تعريف السكاكى للمجاز اللغوي

صفحة 373 - الجزء 2

  وقد تقرر بهذا أن الصواب في إفادة المراد هو ما أشار إليه المصنف عدولا عن عبارة السكاكي لا تعبيرا عن معناه بقوله (في غير ما وضعت له بالتحقيق في اصطلاح به التخاطب مع قرينة مانعة عن إرادته) أي إرادة معناها الأصلي في ذلك الاصطلاح، وقد تقدم في بيان كلام السكاكي ما خرج بقوله: في غير ما وضعت له بالتحقيق، وتقدم أن قولنا: في اصطلاح التخاطب الذي لم توف به عبارة السكاكي على ما ذكرنا لإخراج نحو الصلاة يستعملها اللغوي في الدعاء فإنه حقيقة ولو استعمل في غير ما وضع له في الجملة لأنه ليس غيرا في اصطلاح التخاطب، إذ هو معناه في اصطلاح التخاطب ثم لما كانت زيادة قوله بالتحقيق لإدخال ما استعمل مصاحبا للوضع بالتأويل كما ذكرنا وذلك المستعمل بمصاحبة الوضع بالتأويل هو الاستعارة وكان في تلك الزيادة لذلك الإدخال بحث نبه على مقصوده بقيد التحقيق ليترتب على ذلك ما ورد عليه من البحث فقال (وأتى) السكاكي في حده للمجاز اللغوي (بقيد التحقيق) حيث قال في غير ما هي موضوعة له بالتحقيق (ل) يكون المخرج عن الحد هو ما استعمل في الموضوع بالتحقيق لا ما استعمل في الموضوع بالتأويل وهو الاستعارة فحينئذ يجب أن (تدخل الاستعارة) في تعريف المجاز اللغوي إذ هي مجاز لغوي (على) أصح القولين ك (ما مر) من أنها مستعملة في غير ما وضعت له حقيقة وفيما وضعت له بالتأويل وأن ذلك يحقق كونها مجازا لغويا.

  وأما على غير الأصح وهي أنها حقيقة لغوية ومجاز عقلي فلا يصح إدخالها في تعريف المجاز فلا يزاد قيد التحقيق لإدخالها، ووجه إدخالها بزيادة قيد التحقيق هو ما أشرنا إليه من أن الخارج حينئذ هو اللفظ المستعمل في الموضوع له بالتحقيق وهو الحقيقة اللغوية، وأما الكلمة المستعملة في الموضوع له بالتأويل فلا تخرج؛ لأن المنفي هو الوضع الحقيقي لا التأويلي، وأما لو لم يزد قيد التحقيق كان المنفي الاستعمال في مطلق الوضع، والاستعارة فيها الاستعمال في مطلق الوضع الصادق بالوضع بالتأويل فتخرج عن تعريف المجاز فيفسد الحد؛ لأنها لا يصدق عليها أنها كلمة استعملت في غير ما وضعت له لصدق أنها استعملت