وليس قرب قبر حرب
  الاستعمال اللغوى، كقولنا: كلما تحركت الياء، أو الواو وانفتح ما قبلهما قلبا ألفا، ويجرى مجرى ما دخل فى القياس ما ثبت عن الواضع التزامه، ولو كان مخالفا للقياس كإبدال الهاء همزة فى ماء مثلا، ثم إن الجارى على لسان بعضهم أن الفصاحة هى: كون الكلمة جارية على الاستعمال المشهور المتقرر عمن يوثق بعربيتهم، وعليه يكون تفسيرها بالخلوص عن هذه الأمور الذى هو عدم تلك الأمور تفسيرا بالخاصة العدمية على وجه التسامح، ولو قيل بأنها نفس الخلوص عما ذكر لم يبعد؛ لأن هذه الأمور أسام اصطلاحية لا حجر فيها، ولما كان هذا التفسير مرجعه إلى التفسير بالعدم المضاف، وهو إنما يفهم بمعرفة ما يضاف إليه شرع فى بيان هذه الأمور المضاف إليها الخلوص، فقال: إن أردت معرفة هذه الأشياء (فالتنافر) منها معنى فى حروفها يوجب عسر النطق بها (نحو) مستشزرات من قوله.
  (غدائره مستشزرات إلى العلا)(١) ... تضل العقاص فى مثنى ومرسل
  يعنى أن غدائر الشعر أى: ذوائبه مستشزرات أى: مرفوعات إن روى بفتح الزاى، أو مرتفعات إن روى بكسرها، يقال: استشزره أى: رفعه واستشزر ارتفع إلى العلا أى: إلى جهة السماء ثم وصف الشعر بما يؤكد الكثرة، فقال: تضل أى: تغيب العقاص جمع عقيصة وهى: الخصلة من الشعر فى المثنى: وهو المفتول، وفى المرسل: وهو ضد المفتول، ولما كان الغرض بيان كثرة الشعر بين أن غدائره أى: أجزاءه المشدودة بالخيوط، وهى: الذوائب كثيرة أوجبت لتراكمها ارتفاعها إلى العلا، ثم إن مجموع الشعر قسمه إلى العقاص الغير الطويلة، وهى: المرتفعة المشدودة، وإلى المثنى والمرسل، وأن تلك العقاص تغيب من كثرة الشعر فى جنس المثنى والمرسل، وبه يعلم أن العقاص من وضع الظاهر موضع المضمر، وأن القسمة ثلاثية لا رباعية، وهذا التنافر متفاوت، وقد سمع ما هو أعظم من مستشزرات كقولهم: الهعخع، وهو: نبت ترعاه الإبل، والمحكم فى التنافر الذوق؛ لأن كل ما يحاول أن يضبط به من قرب المخارج، أو
(١) البيت لامرئ القيس في ديوانه ص ١١٥، وشرح المعلقات السبع ص ١٧، ولسان العرب ٤/ ٤٠٥ (شزر)، ٧/ ٥٦ (عقص)، والتبيان للطيي ٢/ ٤٩٦، والإيضاح ص ٣، وشرح عقود الجمان (١/ ١٠).