أقسام الكناية
  الموصوف، وتحمل الضمير لرعاية حق الاشتقاق وإلا فمفاده ليس هو المقصود بالوصف؛ لتكون الصفة كناية، وإنما جعلناه في منزلة الموصوف للسببية بينه وبين الموصوف فقضينا به حق الاشتقاق وصحح ذلك سببيته؛ إذ لا يصح تحمل المشتق ضمير أجنبي من كل وجه غير معتبر الوصفية بحال من الأحوال، وإلا كان في التركيب تخاذل ومنافاة، فهل لأحد التركيبين محل يحسن فيه دون الآخر أو هما سواء؟ وإنما كل منهما بالنسبة إلى الآخر تفنن في التعبير، قلنا: التركيب الذي فيه الإضافة وفيه يوجد تحمل الضمير، ويوجد فيه شوب من التصريح إنما يحسن إذا حسن جريان الصفة بنفسها على الموصوف بوجود السببية المصححة للجريان عرفا كقولك: فلان حسن الوجه بالإضافة، إذ يحسن عرفا فيمن حسن وجهه أن يقال: هو حسن، أو لا يحسن جريانها بنفسها ولكن يحسن جريان ما نابت عنه كقولك: فلان أبيض اللحية بالإضافة فإنه لا يحسن أن يقال لمن ابيضت لحيته: إنه أبيض، ولكن يحسن أن يوصف بما نابت عنه هذه الصفة وهو الشيخوخة، إذ يحسن أن يقال: هو شيخ، ومثل ذلك فلان كثير البنين أي: متقو، وأما إذا لم يحسن جريانها على الموصوف عرفا ولا جريان ما نابت عنه لعدم نيابتها عما يحسن لم يحسن تركيب الإضافة، وإنما يحسن الإسناد إلى السببى بعد الصفة كقولك فلان أحمر فرسه، وأسود ثوره؛ إذ لا يحسن أن يقال فيمن حمر فرسه: إنه أحمر، ولا فيمن سود ثوره: إنه أسود فقد ظهر أن تركيب الإضافة له محل لا يحسن فيه، وتركيب غير الإضافة ظاهر كلام النحويين أنه يحسن في كل محل فكأنه أعم محلا فافهم.
  (أو خفية) هو معطوف على واضحة أي: الكناية المطلوب بها صفة إن لم يكن الانتقال بها بواسطة فهي إما واضحة كما تقدم، وإما خفية وخفاؤها لكون الانتقال فيها لا بواسطة فهي إما واضحة لا تحتاج إلى تأمل في المراد حتى يستخرج من خزانة الحفظ، أو يستخرج بالقرينة وهي خفية الدلالة، وذلك حيث يكون اللزوم بين المكنى به وعنه فيه غموض ما فيحتاج إلى إعمال روية في القرائن، وفي سر المعاني ليستخرج المقصود منها وذلك (كقولهم: كناية عن الأبله) فلان (عريض القفا) والقفا مؤخر