مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

ومقلة وحاجبا مزججا

صفحة 115 - الجزء 1

  بالسراج فى الرونق، حتى كأنه فيه سراجا، أو كأنه صار سراجا قال: ومنه سرج الله أمره أى: بهجه وحسنه، وهو يحتمل وجهين متقاربين.

  أحدهما: أن يكون المعنى من وصف الشيء بالسريجى، لكثرة مائه فكأنه السراج، قولهم: سرج الله أمره أى: صيره كالسريجى أى: كالمشبه بالسراج، فهو بهذا المعنى التشبيهى بمعنى جعله شبيها، لا بمعنى أن الله تعالى شبهه به، أو نسبه إلى السراج - كما لا يخفى.

  والآخر: أن يكون المعنى من الأخذ من السراج سرج الله وجهه وبكل تقدير فلا يخلو من الحاجة إلى تكلف التخريج الذى أوجبه الاستحداث من السراج، لكن الحق أن كلامه لا يدل إلا على الاستحداث، وهو أعم من التوليد الموجب قطعا للغرابة؛ لأن الاستحداث يوجد من أهل اللغة، لكن إذا خرج المستحدث عن الأصل وصار لا يفهم إلا بتكلف صار غريبا مخلا بالفصاحة، فهذا التصريح يدل على الغرابة لو لم يدل على التوليد، فيعود فى الحقيقة لمثل ما فى المتن - تأمل والله الموفق.

  فإن قلت إذا كانت الغرابة فيها مستحسن، ومنه غريب القرآن، ومعلوم أن الغرابة تخل بالفصاحة فى الجملة وحينئذ يلزم أن يشتمل القرآن على غير الفصيح، قلت: لا نسلم لزومه أما إذا بنينا على ما تقدم من أن الغرابة فيه باعتبار المولدين فظاهر؛ لأن فصاحة القرآن باعتبار الخلص من العرب، إذ بلغتهم نزل وعلى تقدير تسليم أن الغرابة فيه باعتبار بعض الخلص دون بعض؛ بأن يكون الوحشى هو ما لم تتداوله عرب فظاهر أيضا لأن القرآن مشتمل على أنواع من لغات العرب، فعربيه فصيح بالنسبة للعرب فى الجملة إذ العرب بلسانهم فى الجملة نزل القرآن العظيم، وإن كان غالبه قرشيا، وغاية ما فيه أن غريبه لا يكون كغيره فى الفصاحة، وهو مسلم؛ لأن القرآن متفاوت فى نفسه فى البلاغة والفصاحة، فتحصل من هذا أن الغرابة المخلة بالفصاحة هى الغرابة المطلقة لا المقيدة، وربما يراد هنا أن الغريب المستقبح هو المتوعر المشتمل على الثقل ذوقا، وفيه بحث؛ لأن الثقيل بذلك يرجع إلى المتنافر أو الوحشى على،