المشاكلة
  وتطيرهم الكفر مشاكلة؛ لأنه يقدر هذا اللفظ كأنه صادر منهم بقرينة النزول في شأن الرد عليهم فيما يستحق أن يسمى صبغا، فهنا مصاحبة المعنيين ومصاحبة اللفظيين إلا أن أحدهما مقدر وهو كالمذكور كما بينا، فالآية على هذا نزلت إلى المؤمنين، وأمروا أن يقولوا للنصارى قولوا مضمونها، أي: إن شئتم التطهير الحقيقي والإيمان المعتبر الذي يستأهل أن يسمى تطهيرا، فقولوا: صبغة الله، أي: قولوا أيها النصارى آمنا بالله وصبغنا الله بالإيمان صبغة لا مثل صبغتنا وطهرنا به تطهيرا مثل تطهيرنا، أي: فإذا قلتم ذلك واعتقدتموه فقد أصبتم وإلا فأنتم في ضلال، فيكون التعبير للمشاكلة لتقدير المراعى فيها، ولو لم يذكر كما دل على ذلك كون النزول لأجل الرد في ذلك المعنى المناسب أن يذكر بلفظ الصبغ هذا على أن الآية نزلت؛ ليخاطب المؤمنون الكافرين بها بمعنى أمروا أن يقولوا للكافرين: قولوا مضمونها، وأما على إنها خطاب للمؤمنين، فالمعنى أن المسلمين أمروا أن يقولوا: صبغنا الله تعالى صبغة بالإيمان المطهر، لا مثل صبغتكم أيها الكفرة بالماء الأصفر التي سميتموها تقديرا من غير الدين المحمود لديكم، فيكون النزول لأمر المؤمنين بالرد على الكفرة بالحق البين، وعبر عن ذلك الحق بالصبغ للمشاكلة للفظ قدر وجوده لمناسبة التعبير به كما تقدم، والحاصل أن النصارى لما اقتضى فعلهم صبغا ونزلت الآية للرد عليهم عبر عن المراد بالصبغة للمشاكلة التقديرية، حيث صاحب المعنى المستحق للتعبير بالصبغ ولو لم يقع، إذ هو مقدر فهو كالمذكور، فكانت الصحبة تقديرية وهذا مثل ما لو رأيت إنسانا يغرس شجرا وقلت لآخر اغرس إلى الكرام كهذا وتريد باغرس اصنع المعروف إلى الكرام، وعبرت عن الصنع بالغرس لمصاحبته للغرس الحاضر، ولو لم يذكر، فكأنك قلت: هذا يغرس الأشجار فاغرس أنت الإحسان مثله، فإن قدرته مجازا للتشبيه في رجاء النفع كان مجازا للتشبيه ومشاكلة للصحة، وإن لم تقدره كان مشاكلة محضة وهذا معنى قوله (فعبر عن الإيمان بالله بصبغة الله) أي: عبر في الآية بلفظ صبغة الله عن الإيمان بالله كما تقدم (للمشاكلة) أي: مناسبة المعنى المعبر عنه للمعنى الذي يستحق أن يعبر عنه بلفظ الصبغة، وهو تغطيس النصارى أولادهم، أي: لمشاكلة هذا المعنى لذلك المعنى في اللفظ