المزاوجة
  الحمار، والنزوان وهو نزو الذكر، أي: وقوعه على الأنثى، ويحتمل على قول: أن يكون النائب عن الفاعل هو الظرف، وإن كان غير متصرف وهو قوله (بين معنيين) أي: المزاوجة هو أن يقارن ويجمع بين معنيين واقعين (في الشرط والجزاء) أي: وقع أحد ذينك المعنيين المزواج بينهما في مكان الشرط بأن جيء به بعد أداته، ووقع الآخر في موضع الجزاء بأن ربط مع الشرط وسيق جوابا له، ومعنى الزواج في المعنيين الواقع أحدهما شرطا والآخر جزاء أن يجمع بينهما في بناء معنى من المعاني على كل منهما، فقد ازدوجا أي اجتمع ذلك الشرط وذلك الجزاء في ذلك المعنى.
  ثم مثل للمزاوجة فقال (كقوله: إذا ما نهى الناهي)(١) أي: إذا نهاني الناهي عن حبها، وزجرني الزاجر عن التوغل في ودها (فلج بي الهوى) أي إذا نهيت عن الحب، فترتب على النهي لجاج الهوى بي أي لزومه لي، وأصل اللجاج كثرة الكلام والخصومة والتزامها وإدمانها، ثم عبر به عن مطلق اللزوم الصادق بلزوم الهوى مجازا مرسلا من التعبير بالملزوم عن اللازم، بل من التعبير بالمقيد عن المطلق (أصاخت) أي: استمعت (إلى الواشي) أي: النمام الذي يشي حديثه، أي: يزينه ويأتي به على وجه يقبل حين ينقله على وجه الإفساد بين الناس وبين الأحباء خصوصا ومعنى استماعها لحديث الواشي قبولها له، لأنه يعبر بالاستماع عن القبول لاستلزامه إياه غالبا، وعن عدم القبول بعدم الاستماع لاستلزامه إياه كذلك.
  (فلج بها الهجر) أي: استمعت فترتب على استماعها وقبولها لحديث الواشي لجاج الهجر بها، أي: لزوم الهجر، وهو التباعد عن الوصال، فنهى الناهي شرط ترتب عليه لزوم الهوى وإصاخة الواشي جوابه رتب عليه لزوم الهجر لها، فقد صدق أن هذا الشرط الذي هو نهي الناهي، وجوابه الذي هو إصاختها للواشي معنيان وقعا، أي: وقع أحدهما في مكان الشرط، أي: بعد أداة الشرط، فصار شرطا، ووقع أحدهما في مكان الجواب بربطه بالشرط فصار جوابا، وقد زاوج أي: جمع بينهما في معنى مرتب عليهما
(١) البيت فى الإيضاح ص (٢٩٩)، وهو منسوب إلى البحترى، وانظر ديوانه ص (٨٤٤) والتبيان للطيبى (٢/ ٤٠٠).