مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الاقتباس

صفحة 683 - الجزء 2

  بالكلام على السرقات ووجه المناسبة أن في كل من معنى هذه الألقاب أخذ شيء من شيء سابق، مثل ما في السرقات كما تقدم.

الاقتباس

  ثم شرع في بيان هذه الألقاب على ترتيبها فقال: (أما الاقتباس) منها (فهو أن يضمن الكلام) سواء كان ذلك الكلام نظما أو نثرا (شيئا) مفعول ثان ليضمن، والأول وهو الكلام مرفوع على أنه نائب. (من القرآن) أي: أن يؤتى بشيء من لفظ القرآن في ضمن الكلام (أو) يؤتى بشيء من لفظ (الحديث) في ضمن الكلام، بشرط أن يكون المأتي به على أنه من كلام المضمن بكسر الميم (لا على أنه منه) أي: المأتي به من القرآن أو الحديث، ومعنى الإتيان بشيء من القرآن على أنه منه أن يؤتى به على طريق الحكاية، كأن يقال أثناء الكلام: قال الله تعالى كذا وكذا فهذا خارج عن التضمين، وكذا معنى الإتيان باللفظ على أنه من الحديث أن يقال مثلا قال النبي كذا وكذا، فمثل ذلك ليس من التضمين؛ لأنه سهل التناول، فلا يفتقر إلى نسج الكلام نسجا يظهر منه أنه شيء آخر، فيعد مما يستحسن فيلحق بالبديع.

  ومن هذا ألحقت معاني هذه الألقاب بالبديع كما في السرقات المنسوجة نسجا مستحسنا، وسمى الإتيان بالقرآن أو الحديث على الوجه المذكور اقتباسا أخذا من اقتباس نور المصباح من نور القبس، وهو الشهاب؛ لأن القرآن والحديث أصل الأنوار العلمية، ثم إن الاقتباس لما عرفه بأن يدخل في الكلام شيئا من القرآن أو الحديث لا على أنه منه، ودخل في الكلام النظم والنثر اشتمل على أربعة أقسام: إتيان بقرآن في نثر، إتيان به في نظم، إتيان بحديث في نثر، إتيان به في نظم. فأتى المصنف بأربعة أمثلة على هذا الترتيب، وأشار إلى الأول منها وهو: اقتباس القرآن في نثر بقوله: (كقول الحريرى فلم يكن إلا كلمح البصر أو هو أقرب حتى أنشد فأغرب) أي: لم يكن من الزمن إلا كلمح بالبصر أي: لم يوجد من الزمان إلا مثل ما ذكر فأنشد فيه وأغرب