مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

التخلص

صفحة 707 - الجزء 2

  طرف من الفم (حذار حذار) أي: احذر (من بطشي) أي: أخذى الشديد بالقوة (وفتكي) أي: قتلى لكم فجأة أي: لا تغفلوا عن إهلاكي لكم، بل اجعلوه نصب أعينكم، واستعدوا له بالتقوى والصبر، وهذا مطلع قصيدة لأبي الفرج الساوي يرثي فخر الدولة ملكا من ملوك آل بويه، وكذا قول أبي الطيب يرثي سيف الدولة:

  نعد المشرفية والعوالي ... وتقتلنا المنون بلا قتال⁣(⁣١)

التخلص

  (وثانيها) أي: وثاني المواضع التي ينبغي للمتكلم أن يتأنق فيها (التخلص) أي: الخروج (مما شبب الكلام به) أي: ابتدئ الكلام وافتتح به، وأصل التشبيب ذكر أمور الشباب، قال الإمام الواحدي: التشبيب ذكر أيام الشباب، وذكر اللهو والغزل، ولما كثر إيقاعه في أوائل القصائد نقل عرفا إلى ابتداء القصيدة، بل والكلام في الجملة سواء كان فيه ذكر اللهو والغزل وأيام الشباب أم لا، فتبين أن المراد بالتشبيب كما قلنا افتتاح الكلام وابتداؤه سواء كان ما ابتدء به (من تشبيب) وهو ذكر الجمال ووصفه (أو) كان من (غيره) أي: من غير التشبيب كالأدب أي: الأوصاف الأدبية والافتخار وهو معروف والشكاية غير ذلك كالهجو والمدح والتوسل (إلى المقصود) متعلق بالتخلص أي: الثاني هو التخلص إلى المقصود مما بدئ به الكلام (مع رعاية الملاءمة) أي: المناسبة (بينهما) أي: بين ما شبب به الكلام وبين المقصود واحترز بهذا - أعنى كون ما شبب به الكلام بينه وبين المقصود - ملاءمة عن الاقتضاب، وظاهر العبارة أن التخلص الكائن مع المناسبة ينبغي أن يتأنق فيه بشيء آخر زائد عليه، والمقدر أن التخلص في الجملة - أعنى التخلص اللغوي وهو الخروج من أول الكلام لغيره في الجملة - ينبغي أن يتأنق فيه برعاية المناسبة بينه وبين المتلخص إليه، فإذا روعيت فيه حصل التأنق وحصل التخلص الاصطلاحي، وهو الخروج مما شبب به الكلام إلى المقصود مع وجود المناسبة بينهما، ويمكن تصحيح الكلام بأن يراد بالتخلص المذكور اللغوي، ثم يقدر ضمير يعود عليه على طريق الاستخدام، خبره تخلص يتعلق به قوله مما شبب إلخ، فيكون تقدير الكلام من المواضع التي ينبغي التأنق فيها التخلص، والتخلص


(١) هو للمتنبى فى رثاء أم سيف الدولة، الإيضاح ص (٣٦٤).