(الفن الأول) علم المعاني
  اللفظ المذكورة فى تعريف الفن، فتخرج عن تعريف الفن وهى منه، ثم أشار إلى أن المقصود من الفن منحصر فى ثمانية أبواب، ليقف طالبه على معانيه من تسامى الأبواب فى الجملة، فإن ذلك مما يزيد الحرص فيه والبصيرة فى أموره، ولم يعتبر التشبيه ولا تعريف الفن، لعدم كونهما من المقاصد (وينحصر) المقصود من هذا الفن وهو فن المعانى (فى ثمانية أبواب) ولما كان الفن لا يصدق على الباب الواحد من هذه الأبواب كان حصره فى الأبواب من باب حصر الكل فى الأجزاء؛ لأن الكل لا يصدق على كل جزء كحصر السرير فى الخشب والمسامير مع الهيئة، لا من باب حصر الكلى فى الجزئيات كحصر الكلمة فى الاسم والفعل والحرف؛ لأن الكلى صادق على كل جزئى، ثم بين الأبواب فقال: أول الأبواب: (أحوال الإسناد الخبرى) وثانيها: (أحوال المسند إليه) وثالثها: (أحوال المسند) ورابعها: (أحوال متعلقات الفعل) وخامسها: (القصر) وسادسها: (الإنشاء) وسابعها: (الفصل والوصل) وثامنها: (الإيجاز والإطناب والمساواة)، ثم أشار إلى وجه الحصر، وهو استقرائى فقال (لأنه) أى: الكلام (إن كان لنسبته) التى هى تعلق أحد الطرفين - وهما المسند والمسند إليه - بالآخر على وجه التمام، وذلك بأن يكون يحسن السكوت عليه معنى (خارج) فاعل لكان والمعنى الخارج: هو نسبة بين الطرفين تتحقق فى الخارج فى أحد الأزمنة الثلاثة من حال ومضى واستقبال (تطابقه) أى تطابق تلك النسبة الخارجية النسبة المفهومة من الكلام، بأن تكون فى الخارج كما دل عليها اللفظ (أو لا تطابقه) بأن تكون على خلاف ما دل عليه الكلام (فخبر) أى: فذلك الكلام الذى له تلك النسبة خبر، وذلك كقولنا: زيد قائم فهذا كلام له نسبة مفهومة هى اتصاف زيد بالقيام فى الخارج، ثم القيام بالنسبة إلى ذات زيد خارجا إما أن ينتسب له على وجه الاتصاف به، فتكون النسبة مطابقة لما فهم من اللفظ، فيكون الكلام صدقا أو تكون النسبة بين القيام وزيد نسبته الانتفاء، بأن لا يتصف زيد بالقيام، فيكون الكلام كذبا فقد ظهر أن هذا الكلام له نسبة دل على وقوعها خارجا، وفى نفس الأمر نسبة أيضا أى معنى فى الخارج يطابق فيصدق الكلام، أو لا يطابق فيكذب، فهذا الكلام حينئذ خبر (وإلا) يكن لتلك النسبة المفهومة