السكاكي ينكر المجاز العقلي
  (واللوازم كلها منتفية) لما قررنا فيلزم انتفاء الملزوم وهو جعل ما فيه المجاز العقلى من باب الاستعارة بالكناية حتى يعود الإسناد حقيقيا، ومتى انتفى اللازم انتفى الملزوم؛ لأن اللازم أعم أو مساو، ومتى انتفى الأعم أو المساوى انتفى الأخص ومساويه، وقد علم أن هذه الاعتراضات كلها مبنية على أن الفاعل المجازى أريد به الفاعل الحقيقى حقيقة، فإذا كان المراد بالعيشة صاحبها حقيقة لزم كون المعنى هو فى صاحب عيشة، ولا يصح. وإذا كان المراد بالنهار زيد حقيقة كان من إضافة الشيء إلى نفسه معنى، وإذا كان المراد بهامان العملة حقيقة كان الخطاب مع العملة والأمر لهم ولم يصح. وإذا كان المراد بالربيع: الفاعل المختار حقيقة كان مسمى بما لم يرد به السمع، وأما إذا كان المراد بالفاعل المجازى الفاعل الحقيقى ادعاء بمعنى: أنا ندعى أن العيشة ثبتت لها الصاحبية بالادعاء، وأطلقنا العيشة على الصاحب الادعائى لا الحقيقى، فلا يلزم الفساد، إذ لا يمنع الكون فى العيشة الحقيقية المدعى أنها لملابسة الفعل لها صارت صاحبها بدعوى المبالغة فى التشبيه، وأن النهار ثبت له الصائمية ادعاء لو أطلقنا النهار على الصائم الادعائى لا الحقيقى، فلا يلزم إضافة الشيء إلى نفسه معنى، بل إضافة النهار الذى هو الزمان حقيقة وادعى فيه أنه هو الصائم الحقيقى إلى ذلك الصائم الحقيقى ولا امتناع فيه، وإن المراد بهامان العملة بالادعاء لا بالحقيقة، فالخطاب حينئذ لهامان المدعى أنه نفس العملة حقيقة، وهو صحيح وإن المراد بالربيع الفاعل الحقيقى بالادعاء بمعنى أن الربيع هو الزمان إلا أن المتكلم ادعى أن هذا الزمان فاعل حقيقى، ولا يتوقف إطلاق لفظ الفاعل المجازى على الفاعل الحقيقى بالادعاء على السمع، وإنما يتوقف على السمع فى الإطلاق على الفاعل الحقيقى حقيقة لا فى الإطلاق على الفاعل الادعائى، وإذا تمهد هذا وعلم أن الاعتراضات لا تتم إلا بكون المراد بالفاعل المجازى هو الفاعل الحقيقى حقيقة، وأما إن أريد الفاعل الحقيقى بالادعاء سقطت الاعتراضات؛ لأن المراد بالمجازى نفسه إلا أنه ادعى فيه أنه غيره، فاللازم على ذلك فى نفس الأمر كاللازم على عدم الادعاء اندفعت هذه الاعتراضات عن مذهب السكاكى إذ حقق أنه مذهبه فيما ذكر الإطلاق على الفاعل الادعائى لا الحقيقى، وهذا المذهب صرح به