مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

السكاكي ينكر المجاز العقلي

صفحة 187 - الجزء 1

  فتندفع به عنه الاعتراضات حيث قال: المراد بالمنية - فى قولنا: أنشبت المنية أظفارها بفلان - السبع بادعاء السبعية لها، وليس المراد بالمنية السبع الحقيقى قطعا، بل المراد نفس المنية إلا أنه ادعى دخولها فى جنس السبع، فصار للسبع قسمان: متعارف وهو الحقيقى، وغير متعارف: وهو المنية الحقيقية، إلا أنها ادعيت لها السبعية، ولكن دفع الاعتراضات بما ذكر يوقع السكاكى فيما فر منه، وهو كون الإسناد لغير من هو له فى نفس الأمر للقطع بأن كون الإسناد حقيقيا إنما يتحقق إذا كان الصاحب الحقيقى الادعائى؛ لأنه نفس العيشة الحقيقية والإسناد لها مجاز ولا يخرجها الادعائى عن معناها حتى يكون الإسناد لها حقيقة، وكذا يقال فى نهاره صائم، والأمر لهامان وفى إسناد الإنبات للربيع، فما فر منه السكاكى وقع فيه تأمل.

  (ولأنه) أى: ولأن ما ذهب إليه السكاكى من كون تلك الأمثلة جميعا من الاستعارة بالكناية (ينتقض بنحو نهاره صائم) وليله قائم ويومه ساكت وليله نائم ونحو ذلك مما يشتمل على ذكر الفاعل الحقيقى مع المجازى (لاشتماله) أى: لاشتمال ما ذكر من الأمثلة (على ذكر طرفى التشبيه) وما يشتمل على ذكر المشبه والمشبه به يمتنع حمله على الاستعارة كما صرح به السكاكى وغيره، ولكن يجاب عن هذا بأن امتناع حمل ما وجد فيه الطرفان على الاستعارة إنما هو فيما أنبأ فيه التركيب عن التشبيه كقولنا زيد أسد؛ لأن حمل الأسد الحقيقى على زيد ممتنع، فتعين الحمل على طريق التشبيه، فيكون المعنى: أنه كالأسد وقوله: على لجين الماء، فإن إضافة الشيء إلى نفسه ممنوع، وكون اللجين من أحوال الماء الصادقة عليه ممنوع، فتعين الحمل على التشبيه أى: على الماء الذى هو كاللجين وهو الفضة فيكون من إضافة المشبه به إلى المشبه؛ لأن الإضافة تقع بأدنى سبب، وأما ما لا ينبئ عن التشبيه فلا يمتنع حمله على الاستعارة فقد جعل السكاكى قوله:

  قد زر أزراره على القمر⁣(⁣١)


(١) البيت منسوب إلى أبي الحسن بن طباطبا العلوى، شرح المرشدى على عقود الجمان ج ١ ص ٥١ وشطره الأول (لا تعجبوا من بلى غلالته).