مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تعريف المسند إليه باللام العهدية

صفحة 214 - الجزء 1

  يمنع وجودها فى الإفراد فيتبع وجودها فى الفرد صحة الإطلاق كالكلى الغير المعرف فإذا أطلق اللفظ المحلى بأل الحقيقية على ذلك الفرد كان ذلك الإطلاق باعتبار عهدية جنسه وحقيقته فى الذهن لا باعتبار خصوص الفرد، ولذلك كان الإطلاق حقيقيا لا مجازيا وإنما يحمل على هذا حيث لا يصح إرادة حصة معينة من الحقيقة ولا إرادة الحقيقة نفسها، كما فى قولنا: الإنسان نوع ولا إرادتها فى ضمن جميع الإفراد، كما يأتى بل تراد فى ضمن فرد ما لعدم صحة غير ذلك، فإذا قيل مثلا: أطعم المسكين زكاة فطرك يوم العيد كان المعنى أطعم فردا من أفراد الحقيقة المسكينية المعهودة لديك المعروفة فى ذهنك، فالتنكير هنا ولو وجد باعتبار قرينة قصد الفرد فى الجملة، وهى الإطعام لكن لا ينفك عن الإعلام بعهدية حقيقته، ولذلك يقال إن هذا النوع من المشار به إلى الحقيقة نكرة باعتبار القرينة مساو للمنكر الذى وضع لفرد غير معين ومعرفة باعتبار نفسه، لإشارته إلى معهود هو حقيقة ذلك الفرد، وذلك (كقولك ادخل السوق حيث لا عهد) أى: لا معهود فى الخارج يشار إليه باللام كما إذا رأيت إنسانا لا يحسن القيام بأمور التوكل فتقول له أما أنت فلا يصلح لك هذا، ولكن ادخل السوق تعنى: للتجارة، والتسبب، فالمراد بالسوق بقرينة الدخول المأمور به فرد من أفراد حقيقة السوق، فلما أن عرفته باللام التى لم يتقدم للفرد المستعملة هى فيه عهد كانت الإشارة إلى تلك الحقيقة فكأنك تقول ادخل فردا من أفراد حقيقة السوق المعهودة لك فقد استعمل المعرف باللام الحقيقية فى فرد باعتبار حقيقته الموجودة فيه الصادق لفظها عليه فالقرينة صيرته فردا مطلقا، واللام عرفته باعتبار جنسه، فهو مع المنكر باعتبار القرينة متساويان، وباعتبار ما تفيده لام الحقيقة من الإشعار بعهديتها ذهنا المصاحب لذلك الإطلاق مختلفان، ومثل هذا قوله تعالى: {وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ}⁣(⁣١) فليس المراد كل ذئب، ولا حقيقة الذئب، ولا ذئب معين؛ بل فرد من أفراد حقيقة الذئب، وهذا معنى قوله: «وهذا فى المعنى كالمنكرة» يعنى: باعتبار القرينة لا باعتبار مفاد اللام فإذا ادعيت القرينة الموجبة للتنكير جرت عليه أحكام التنكير ويراعى فيه كثيرا مفاد


(١) يوسف: ١٣.