مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

ضربا الاستغراق

صفحة 217 - الجزء 1

  بين العهدين إنما هو باعتبار مفروضها، وهما الشخص والحقيقة، وأما الفرق بينهما باعتبار أنفسهما أعنى إفادة كون المشار إليه فى الجملة معهودا، فهذا لم يتبين بعد ولكنه غير محتاج إليه إلا من جهة المفاد عهديته وهو معروضهما تأمل.

ضربا الاستغراق

  (وهو) أى: الاستغراق (ضربان) أحدهما (حقيقى) وهو أن يراد كل فرد مما يتناوله اللفظ لغة (نحو) قوله تعالى ({عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ})⁣(⁣١) أى: عالم (كل غيب وكل شهادة و) الآخر من الاستغراقى (عرفى) وهو أن يراد باللفظ كل فرد يتناوله ذلك اللفظ بحسب ما يتعاطاه فيه أهل العرف (كقولنا جمع الأمير الصاغة) أى: صاغة بلده، أو مملكته والحق وهذا أنه عام - أيضا - ولكنه مخصوص بالعقل كقوله تعالى: {خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}⁣(⁣٢) ثم جعل ذلك استغراقا عرفيا فيه نظر؛ لأنه يقتضى أن العرف اقتضى عمومه وليس كذلك بل العرف اقتضى تخصيصه ببعض أفراده، والظاهر أنه يريد بالاستغراق العرفى أن ذلك فى العرف يعد مستغرقا، وليس بمستغرق لجميع ما يصلح له بل لبعض أنواعه.

  (تنبيه) اعلم أن كون الألف واللام للعموم أو لا مسئلة مهمة يحتاج إليها فى علوم المعانى، وأصول الفقه، والنحو ولم أر من المصنفين فى شيء من هذه العلوم من حررها على التحقيق، وها أنا أذكر قواعد يتهذب بها المقصود ويبنى عليها ما بعدها وبالله التوفيق.

  الأولى: الألف واللام، إما أن تكون اسما موصولا، أو حرفا فإن كانت اسما فليس كلامنا فيه؛ لأنه حينئذ داخل فى الموصولات فله حكمها فى العموم بجميع أحواله وهذه فائدة جليلة يستفاد منها، أن غالب ما يستدل به من لا أحصيه عددا من الأئمة فى إثبات العموم أو نفيه من المشتقات المعرفة بالألف واللام مثل {فَاقْتُلُوا


(١) الأنعام: ٧٣.

(٢) الزمر: ٦٢.