مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

ضربا الاستغراق

صفحة 218 - الجزء 1

  الْمُشْرِكِينَ}⁣(⁣١) {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي}⁣(⁣٢) {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ}⁣(⁣٣) ليس من محل النزاع فى شيء، وإنما النزاع فى الألف واللام الحرفية بشروط ستأتى، وليتنبه لفائدة جليلة - أيضا - أهملها النحاة، أو أكثرهم، وهو أن إطلاق الألف واللام الداخلة على المشتقات موصولة لا يصح؛ لأنها إنما تكون موصولة حيث أريد بها معنى الفعل من التجدد، أما إذا أريد بها الثبوت فلا، فخرج بذلك أسماء الفاعلين، وأسماء المفعولين إذا قصد بها الثبوت وخرج بذلك أفعل التفضيل، وخرجت الصفة المشبهة فإنها يقصد بها الثبوت، ولذلك قال ابن الحاجب فى نحو قوله تعالى: {وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ}⁣(⁣٤) إن الألف واللام هى المعرفة الموصولة فلا حاجة لتقدير عامل، وبهذا يعلم أن إطلاق أهل المعانى أن الاسم يدل على الثبوت والاستقرار ليس ماشيا على عمومه.

  الثانية: ما تدخل عليه الألف واللام الحرفية التى ليست شيئا مما سبق أقسام، الأول: جمع تصحيح، أو محلق به غير العدد، أو جمع تكسير للقلة، أو الكثرة سواء كان له واحد من لفظه أم لا نحو: «الزيدين، والعالمين، والأرجل، والرجال، وأبابيل» وكذلك الداخلة على صيغة الأعلام بعد تنكيرها إما لقصد الشركة على رأى الزمخشرى، حيث قال تدخل «أل» على العلم للشركة، كما أضاف فى قوله:

  (علا زيدنا يوم النقى رأس زيدكم)⁣(⁣٥).

  أو لغير ذلك ومدلول كل منها الآحاد المجتمعة دالا عليها دلالة تكرار الواحد، كما صرح به بدر الدين بن مالك فى أول شرح الألفية، وهو حق ودلالة الجمع على كل واحد من أفراده بالمطابقة، ويكفيك فيه إطباق الناس على قولهم الجمع كتكرار الواحد، ويكفيك - أيضا - قولهم إنه لا يجوز أن تقول جاء رجل، ورجل، ورجل فى القياس قالوا إذ لا فائدة فى هذا التكرار لإغناء لفظ الجمع عنه، فلو كانت دلالة رجال


(١) التوبة: ٩.

(٢) النور: ٢.

(٣) المائدة: ٣٨.

(٤) يوسف: ٢٠.

(٥) البيت بلا نسبة فى لسان العرب (٣/ ٢٠٠) (زيد).