مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

ضربا الاستغراق

صفحة 219 - الجزء 1

  على رجل بالتضمن لكان قولنا رجل، ورجل، مشتملا على أعظم فائدة، وهى الانتقال من دلالة التضمن إلى دلالة المطابقة كما يجوز ويحسن الانتقال من الظاهر إلى النص، ولكان جائزا حسنا، وتحقيقه أن لفظ رجال فى الحقيقة لفظ رجل إنما تغيرت هيئته فصار دالا على آحاد ينصرف لكل منها وينصب إلى كل منها انصبابا واحدا ولا يكون دالا عليه بالتضمن؛ لأنه لم يوضع الاستغراق؛ لأن الموصول مما يدل على الاستغراق نحو (أكرم الذين يأتونك إلا زيدا) فصح التمثيل بها لمطلق العموم، نعم إن كررنا على مذهب المازنى الذى يرى أن أل مطلقا تعريفية، لا موصولية، ولو مع المشتق الصريح صح التمثيل للعموم باللام على كل حال، فافهم تأمله.

  ثم أشار إلى بيان وتحقيق فى الاستغراق باعتبار الأفراد وغيره فقال: (واستغراق المفرد) فى مدلوله المحقق بأداة العموم من حرف التعريف أو غيره كالنفى (أشمل) من استغراق المثنى، والمجموع فى مدلولهما، وذلك أن المفرد يتناول كل فرد فرد فيستغرق حكمه آحاد التثنية، والجمع لتركب كل واحد من آحادهما من جزأين، أو أجزاء هى آحاد المفرد التى استقل كل واحد منها بالحكم بخلاف التثنية والجمع، فالتثنية تتناول كل اثنين اثنين، فلا يتسلط حكمه على جزئهما وهو مدلول المفرد، والجمع يتناول كل جماعة جماعة فلا يتناول حكمه جزأه الذى هو مدلول المفرد وهذا يتحقق (بدليل صحة لا رجال فى الدار إذا كان فيها رجل أو رجلان)؛ لأن النفى فيه إنما يتسلط على الجنس المفيد بكونه فى ضمن جماعة من أفراده فالنفى للجنس من حيث الجمعية، ولا ينافى ذلك بقاؤه من حيث الفردية فيصح النفى المذكور (دون لا رجل)؛ لأن النفى فيه يتسلط على الجنس فى الجملة ولا يتحقق نفيه، وفى الدار رجل أو رجلان، وكذا يصح قولنا لا رجلين إذا كان فيها واحد لمثل ما قرر فى الجمع، ولا يخفى أن هذا إنما يظهر كل الظهور إن قلنا إن اسم الجنس النكرة موضوع للحقيقة وأما إن قلنا وضع للوحدة الشائعة فيقال فيه - أيضا - إن النفى متسلط على الجنس فى ضمن الوحدة فلا ينافى ذلك بقاؤه فى ضمن الجمعية، والاثنينية على حد ما تقرر فى تسلطه على الجنس فى ضمن الجمعية والاثنينية، فإن توجه النفى إلى الخصوصية فى الكل لم يناف ذلك بقاء