إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر
  الحال أو المضى يقتضى دلالتهما على زمان معين هو الحال، أو المضى، وذلك؛ لأنا نقول مدلولهما حدث متحقق فقط، كما قررنا لا الزمان، ولو لزمه الزمان نعم يلزم على هذا أن كل تعبير مجازى يكون من خلاف مقتضى الظاهر إذ لا فرق، وهم لا يقولون به، ومثل هذا يلزم فى التعبير عن المستقبل بالمضى فليتأمل.
  (ومنه) أى: ومن خلاف مقتضى الظاهر (القلب) وهو أن يجعل أحد أجزاء الكلام مكان الآخر، والآخر مكان ذلك الأحد على وجه يثبت حكم كل منهما للآخر، وهو قسمان ما يكون موجبه تصحيح حكم لفظى، ولو لا ذلك الحكم اللفظى لم يدع القلب؛ لأن المعنى يصح به الكلام على ظاهره، كأن يكون ما هو فى موضع المبتدأ نكرة، وما هو فى موضع الخبر معرفة كقوله(١)
  ولا يك موقف منك الوداعا
  فإنه لو نكر الوداع صح المعنى على ظاهره، ولما عرفه، وهو فى موضع الخبر، ونكر موقف منك، وهو فى موضع المبتدأ جعل من باب القلب لتصحيح مقتضى الأصل من تعريف الأول وتنكير الثانى، فيكون المعنى على أن الأصل الإخبار بالأول عن الثانى، فالتقدير، ولا يكن موقف الوداع موقفا منك، وما يكون موجبه تصحيح المعنى، وإجراءه على صحة (نحو) قولهم (عرضت الناقة على الحوض)، وأدخلت القلنسوة الرأس، وأدخلت الخاتم الأصبع، والأصل عرضت الحوض على الناقة، وأدخلت الرأس القلنسوة، والأصبع الخاتم، أما الأول فلأن المعروض عليه هو الذى يكون له ميل لتناول المعروض، وأما ما بعده فلأن الظرف هو المدخول، والمظروف هو الداخل، والسبب فى جريان نحو هذا القلب أن الأصل أن يجاء بالمعروض إلى المعروض عليه، وأن ينقل المظروف إلى الظرف، وههنا نقل الظرف، وهو القلنسوة، والخاتم إلى المظروف، وهو الرأس، والأصبع وجيء بالمعروض عليه، وهو الناقة إلى المعروض، وهو الحوض فاعتبر
(١) عجز بيت وشطره الأول: قفى قبك التفرق يا ضباعا، شرح المرشدى على عقود الجمان ١/ ٩٨.