مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

حذف المسند وأغراض الحذف:

صفحة 306 - الجزء 1

  فى نحو قولنا فإذا زيد بالباب بدلا منها، وإنما التزم تقديمها - مع كونها خبرا - لشبهها فى اللفظ بإذا الشرطية.

  (و) ك (قوله إن محلا وإن مرتحلا) ... وإن فى السفر إذ مضوا مهلا⁣(⁣١)

  (أى) إن (لنا فى الدنيا) حلولا (وإن) لنا (عنها) مرتحلا إلى الآخرة، فقوله محلا ومرتحلا مصدران ميميان بمعنى الحلول والارتحال، والسفر: اسم جمع لسافر كالركب لراكب، والمهل بمعنى الإمهال، وطول الغيبة، والبعد عن الرجوع، بمعنى أن المسافرين إلى الآخرة أى: الموتى الذاهبين إليها طالت غيبتهم عنا فلا رجوع لهم؛ لأن المفقود بعد طول الغيبة لا رجوع له عادة، وما لم تطل غيبته كغيره إذ سببهما معا واحد، وهو الفقد، واللازم لهم لازم لنا فلا بد لنا من ذهاب كما ذهبوا، فكما أنهم حلوا فى الدنيا وارتحلوا عنها، فنحن كذلك، فقد حذف الخبر فى إن محلا وإن مرتحلا، وهو جار ومجرور قطعا هنا، إذ لا معنى لغير ذلك، بخلاف قولنا: خرجت فإذا زيد، فيحتمل أن يكون من تقدير الظرف أى: فإذا زيد بالباب، أو من تقدير غيره - كما تقدم - أى: حاضر والحذف هنا للاحتراز، أو العدول إلى الأقوى مع اتباع الاستعمال ومع ضيق الوزن، وإنما قلنا مع اتباع الاستعمال، ومع ضيق الوزن لأنه طرد حذف الخبر مع تكرار إن وتعداد اسمها سواء كانا نكرتين - كما مثل - أو معرفتين، كقولك: إن زيدا وإن عمرا، ولو حذفت إن لم يحسن الحذف، أو لم يجز كما نص عليه أهل الفن، ولوجود الخصوصية فى ذلك لإن، وتكرارها بوب له سيبويه فقال: باب إن مالا وإن ولدا فإن قيل إذا وجدت القرينة، صح الحذف بدون إن، وإن لم توجد لم يصح، ولو مع تكرارها قلت لفرق على مقتضى كلامهم - إنه يقل أو لا يصح تكرارها، إلا مع القرينة، بخلاف غير ذلك تأمل.

  (وقوله تعالى {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي}⁣(⁣٢)) فأنتم فى قوله: قل لو أنتم فاعل بفعل محذوف، يفسره قوله تعالى: تملكون، والتقدير: قل لو تملكون


(١) البيت من المنسرح وهو للأعشى في ديوانه ص: ٢٨٣.

(٢) الإسراء: ١٠٠.