مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تقييد الفعل بالشرط إن وإذا ولو:

صفحة 320 - الجزء 1

  فرصة التأكيد المقتضى لمبادرة المخاطب لانتهاز فرصة إدراكه قبل فواته بالموت حتف أنفه مثلا، وكإرادة أن لا يطلع الحاضرون على الزمان المخصوص للفعل، أو مكانه كذلك، فيقول مثلا: جئت أو أجئ، ومراده أمس ليلا، أو غدا صباحا، لئلا يعلم الحاضرون الوقت المخصوص للمجئ، لئلا يتوهم فى المجيء ليلا بالأمس بسوء أو يتعرض له فى المجيء غدا بمكروه، وإنما قيدنا الزمن بالمخصوص؛ لأن المسندان كان فعلا يدل على زمان المضى، أو الاستقبال بلا قيد، أو يقول: جلست يعنى مع فلان، والمخاطب يعلم فيسقط الظرف للإبهام على الحاضرين؛ لغرض من الأغراض، أو أن لا يعلم الحاضرون مفعوله، فيقول: بايعت، ويريد زيدا فأسقطه؛ لئلا يغار الحاضرون من مبايعته، وقد يكون المانع عدم العلم بالفضلات المقيدة، أو نحو ذلك: كمجرد الاختصار، حيث يقتضيه المقام، كالضيق، والضجر، أو لإظهار أن ذكر الفضلة كالعبث، لدليل حاضر عند السامع، ثم التقييد بالشرط لما كان محتاجا إلى بسط ما أخره عن الترك، ولو كان المناسب ذكره مع ما قبله، وإليه أشار بقوله

تقييد الفعل بالشرط إن وإذا ولو:

  (وأما تقييده) أى: تقييد الفعل (بالشرط) أى: بجملة الشرط (ف) يكون (لاعتبارات) أى: لحالات تعتبر لكون المقام يقتضى التقييد بما يفيدها (لا تعرف) تلك الاعتبارات بخصوصها (إلا بمعرفة ما بين أدواته) أى: أدوات الشرط (من التفصيل) الحاصل ببيان ما بينهما من الفرق المعنوى، فيعتبر فى كل مقام ما يناسبه من معانى تلك الأدوات. (وقد بين ذلك) التفصيل (فى علم النحو) وأراد بالأدوات حروف الشرط، وأسماءه، فإذا كان المخاطب مثلا، يعتقد أنه إن كرر المجيء إليك مللت منه، واستثقلته فتقول - نفيا لذلك: كلما جئتنى ازددت فيك حبا، وكذا إذا كان يعتقد أن الجائى فى وقت كذا، لا يصادف طعاما عند زيد - مثلا - قلت: متى جئت زيدا وجدت عنده طعاما، أو يعتقد أنك لا تجالسه إلا بالمسجد - مثلا - قلت: أينما تجلس جلست معك، أو يعتقد أنك لا تكرم إلا من كان من بنى فلان قلت: من جاءنى أكرمته، أو أنك لا تشترى إلا الحاجة الفلانية، ولو اشترى هو غيرها قلت: ما تشتره أشتره، وعلى هذا