مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

استطراد إلى التغليب

صفحة 333 - الجزء 1

  بحصول الشرط فى ذلك الاستقبال، وإنما لم يصح تعلقه بالتعليق للعلم بأن التعليق حالى لا استقبالى، فإنك إذا قلت: إن دخلت الدار فأنت حر، فحصول الحرية - وهو المعلق - موقوف على حصول دخول الدار، وحصول دخول الدار هو الذى يقع فى الاستقبال معلقا به حصول الحرية، وأما التعليق وهو ربط أحدهما بالآخر، فهو بالتلفظ الحاصل حال التكلم، فلا يقع فى الاستقبال، فلم يصح تعلقه به وهو ظاهر، ثم الربط بين الشرط والجزاء هنا جعلى لا عقلى؛ لأن ترتب الحرية على الدخول بالتزام المتكلم وجعله لا باستلزامه إياه عقلا أو شرعا أو عادة. (كان) يتعلق به قوله ولكون إلخ قدم عليه لإفادة الكلام بذلك التقديم حكما مفروغا من بيان علته، وهو أوقع فى النفس من الحكم المنتظر علته (كل) اسم كان (من جملتى كل) أى: ولأجل إفادة إن، وإذا ما تقدم كانت كل جملة من جملتى الشرط والجزاء المنسوبتين لكل واحدة من إن وإذا (فعلية استقبالية) أى: كل جملة من تينك الجملتين أعنى: جملة الشرط، وجملة الجزاء، لا بد أن تكون فعلية، وأن تكون مع كونها فعلية استقبالية بأن تصدر بالمضارع فيقال - مثلا - فيهما (إن تجئ أكرمك، وإذا تجئ أكرمك) أما اقتضاء تعليق حصول أمر هو الجزاء بحصول غيره فى الاستقبال وهو الشرط لكون جملة الشرط فعلية استقبالية فظاهر؛ لأنا أفدنا فى التعليق أنه هو الذى إذا حصل فى الاستقبال حصل غيره، ودلالة الماضوية إنما هى على ضد الاستقبال والاسمية من حيث إنها اسمية إنما تدل هى على الحصول، والدوام المنافى للحدوث فى الاستقبال، فكان أصل جملة الشرط كونها فعلية استقبالية لا ماضوية أو إسمية، وأما اقتضاء ذلك التعليق لكون جملة الجزاء فعلية استقبالية، فلأن مفادة أن مضمون الجزاء يترتب على حصول مضمون الشرط، وإذا كان مضمون الشرط استقباليا استحال كون ما يترتب عليه، وهو الجزاء حاليا، أو ماضويا إذ لا يترتب ما حصل قبل الاستقبال على ما يحصل فيه، وهذا ظاهر إن كان معنى التعليق أن الشرط إذا حصل فحينئذ يحصل الجزاء وأما إن كان معناه أن حصول الجزاء علة حصول الشرط فى الجملة جاز تقديمه على الشرط إذ لا يمنع كون اللاحق علة لحصول السابق كما يقال (إن كان زيد يبرأ غدا فنحن نفرح من الآن) ولكن أكثر استعمال