حال الفعل مع المفعول والفاعل
  كقوله ﷺ (المؤمن غر كريم)(١) أى: معه غرة من عدم صرفه العقل إلى جل أمور الدنيا شغلا بأمور الآخرة فيلين وينقاد لما يراد منه لكرم طبع وحسن خلق وإلقاء لأمور الدنيا لا للجهل والغباوة والمنافق خب أى: خادع ماكر، لخبث سريرته، وصرفه العقل إلى إدراك عيوب الناس، توصلا للإفساد فيهم حمل المعرف على الاستغراق أى: إذا كان المقام خطابيا حمل المعرف الوارد فيه باللام على العموم سواء كان مفردا - كالحديث الشريف - أو جمعا كأن يقال: المؤمنون أحقاء بكل إحسان وخلق كريم وإنما يحمل على العموم بعلة إيهام أن القصد إلى فرد دون آخر مع تحقق الحقيقة فى كل منهما ترجيح بلا مرجح أى: أن العلة التى اقتضت حمله على العموم أن المتكلم لما عرف بلام الحقيقة ولم ينصب قرينة ظاهرة على إرادة معين من الأفراد فقد أتى بما يوهم أن قصده أو قصد السامع إلى فرد دون آخر تحكم فيتكل فى فهم إرادة العموم على كون خلافه تحكما فيحمل على العموم قضاء لحق ما أفاده ظاهر ما أتى به، وهو أن عدم العموم فيه تحكم، ومقتضاه العموم الظنى ولذلك قال: إيهام؛ لأنه لا يتيقن أن قصده هو العموم بالوجه المذكور لاحتمال وجود قرينة على البعض حقيقة؛ ولكن ظاهر سقوطها العموم فقصد المتكلم إنما هو إفادة العموم الظنى فيحمل المخاطب عليه لظاهر ما أتى به، ولا ينافى ذلك إمكان خروج بعض الأفراد فى نفس الأمر كما فى الحديث الشريف فإن اعتقاد كون كل مؤمن بالصفة المذكورة وكون كل منافق بعكسها لا يضر فيه صحة خروج البعض عن ذلك فى نفس الأمر، وإنما قيد بالخطابى؛ لأن الاستدلالى وهو الذى يطلب فيه اليقين يؤخذ فى القضية الواردة فيه بالمحقق كما عند المناطقة؛ لأن القضية المهملة عندهم إذا عرف فيها الموضوع بلام الحقيقة يؤخذ فيها بالمحقق وهو البعض ويجب أن يعلم أن التعليل المذكور فى إفادة العموم بيان لما يناسب أن تنضبط به القاعدة، وإلا فأصل إفادة العموم الاستعمال ثم ذكر السكاكى فى مبحث حذف المفعول أنه قد يكون للقصد إلى نفس الفعل بتنزيل المتعدى منزلة اللازم ذهابا فى نحو فلان يعطى إلى معنى بفعل الإعطاء أى: يصدر منه ذلك، ويوجد
(١) رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة وحسنه الألباني في صحيح الجامع (٦٦٥٣)