مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

فلم يبق منى الشوق غير تفكرى

صفحة 389 - الجزء 1

  ذلك أوكد فى تحقق إحسان الممدوح حيث دفع ما هو بهذه الصفة فليفهم، فإنه به يتم كون ما ذكر من الاعتبار المناسب، وكثير ما يعنى المصنف هذا المعنى فى قاعدة أو مثال مع خفائه، وكونه هو المقصود بالذات، وقد نبهنا على ذلك حينما ظهرت الحاجة إليه، لا يقال: لا يتعين الحذف، لدفع ما ذكر لإمكانه بتأخير المفعول بأن يقال: حززن إلى العظم اللحم أو بذكره عاما بأن يقال: حززن كل شيء أى: من عصب ولحم إلى العظم فلعل الحذف لهذا العموم؛ لأنا نقول ليس فى الكلام ما يدل على أن النكتة لا توجد إلا بهذا الحذف فهى توجد بهذا الحذف وتوجد بغيره إذ لا يجب انعكاسها على أن التقدير الأول فيه تقديم المجرور على المفعول، مع إمكان حصول الغرض بدونه، والتقدير الثانى لا ينافى كون الحذف لما ذكر بل إفادته لدفع ذلك التوهم أصرح من الذكر؛ لإمكان كون العموم لو صرح به باعتبار عموم الفردية بأن يكون المعنى أوقعن القطع فى كل شيء من لحم وجلد وعصب، فيبقى البعض من كل، فلم يصل الحزز إلى العظم، فليتأمل.

  وجملة قوله وكم ذدت إلخ تحتمل وجهين

  أحدهما: أن يكون من تحامل بيانا لكم كما أشرنا إليه ودخلت من على مميزها للفصل بينها وبين المميز بالفعل؛ لأنهم ذكروا أنه حينئذ يجب الإتيان بمن معه؛ لئلا يتوهم أنه مفعول الفعل، فلو أسقط هنا توهم أن تحامل مفعول ذدت، وكم حينئذ نصب على المفعولية لذدت.

  وثانيهما: أن مميزها محذوف أى: وكم مرة، ومن فى قوله من تحامل زائدة، وتحامل مفعول ذدت، وهذا الوجه فيه تقدير المميز وزيادة من، والوجه الأول غنى عن التقدير والزيادة، فهو أرجح (وإما لأنه) أى: حذف المفعول إما للبيان بعد الإبهام، وإما لأن المفعول المحذوف أولا (أريد ذكره ثانيا على وجه) آخر وهو كونه فى جملة أخرى مفعولا لفعل آخر من وصف ذلك الوجه أنه (يتضمن إيقاع الفعل) فى تلك الجملة (على صريح لفظه) أى: لفظ ذلك المفعول؛ لأنه لو ذكر أولا ناسب ذكره ثانيا بالإضمار فيقع الفعل على الضمير العائد عليه، والغرض إيقاعه على صريح لفظه