القصر
  تقول (ما زيد إلا قائم) أى: لا قاعد ثم ذكر من كون المخاطب بالأول من يعتقد الشركة وبالثاني من يعتقد العكس هو أغلبى وإلا فقد يخاطب بالأول من يعتقد أن المتكلم يعتقد الشركة، ولو كان هذا معتقدا للانفراد، وبالثانى من يعتقد أن المتكلم يعتقد العكس، وذلك عند قصد أن يكون الخطاب لإفادة لازم الفائدة فيبين المتكلم أن ما عنده هو ما عند المخاطب - مثلا - لا ما توهمه فيه، كما تقدم فى صدر الكتاب (ويسمى) هذا القصر الذى يخاطب به من يعتقد العكس (قصر قلب) وإنما يسمى قصر قلب (لقلب) أى: لأن فيه قلب أى: تبديل (حكم المخاطب) كله بغيره بخلاف قصر الإفراد فليس فيه تبديل كله؛ بل فيه إثبات البعض، ونفى البعض (أو تساويا عنده) يحتمل أن يكون راجعا لتعريفى قصر الإفراد والقلب معا، وحذفه من الأول لدلالة هذا عليه، فيكون معنى الكلام أن المخاطب بالأول من يعتقد الشركة أو تساويا عنده أى: تساوى عنده الاتصاف بالصفة والاتصاف بغيرها فى قصر الصفة، واتصاف موصوف بصفة واتصاف غيره بها فى قصر الموصوف، والمخاطب بالثانى من يعتقد العكس أو تساويا عنده أى: تساوى الاتصافان فى القصرين أعنى: قصر الموصوف وقصر الصفة، فيفهم على هذا من الكلام أن حد الأول صادق على من تساوى فيه الاتصافان، وهو المسمى بقصر التعيين - كما سيقوله - وحد الثانى صادق عليه - أيضا - فيكون قصر التعيين مشتركا بينهما، فإذا تردد المخاطب فى اتصاف زيد بقيام، أو بغيره قلت (ما زيد إلا قائم) أو تردد فى اتصاف زيد بقيام أو اتصاف غيره به قلت (ما قائم إلا زيد) الأول قصر موصوف والثانى قصر صفة، ويحتمل أن يكون مختصا بالعكس أى: المخاطب بالثانى من يعتقد العكس، أو تساوى عنده الاتصافان فيصدق عليه أنه تخصيص صفة بموصوف، أو موصوف بصفة مكان غيرهما، وهذا هو المطابق لما فى الإيضاح، وعليه يجب أن يحمل الكلام ليطابق كلامه ما قرر فى غير هذا الكتاب، وإنما يسمى هذا قصر تعيين؛ لأن المخاطب لما تردد فى أى الاتصافين كان فى نفس الأمر إفادة المتكلم تعيين أحدهما فهذا الحصر يسمى قصر تعيين، وإليه أشار بقوله (ويسمى) هذا القصر الذى قصد به تعيين بعض ما تردد فيه المخاطب (قصر تعيين) ولا يشترط